نوسوسيال

صبراً آل عفرين، فإن مصيرها أن تتحرر

292

 

أياماً وتحل سنوات ثلاث عجاف على عفرين وسكانها الذين تم تهجيرهم بغير حق من ديارهم في أكبر عملية تغيير ديموغرافي وهندسة تغيير معالم المدن في القرن الحادي والعشرون. سنوات ثلاث والأعراب ومن خلفهم عثمانيو أردوغان سيئي الاسم والصيت، الأخلاق والخُلق، يحتلون عفرين ويعيثون فيها دماراً وفساداً ونهباً وعُهراً واغتصاباً للبشر والشجر والحجر، وكل ذلك تحت صراخ وعويل “الله أكبر”.

دخلها تتار العصر بعدما دمروا كل شيئاً يمت للمدينة بصلة تربطهم وأهلها معاني الحياة من دور عبادة وقرى وذكرياتهم مع ظِل الزيتون ورائحة زيتها، التي لا زالت تفعل فعلتها لربطهم أكثر بالأرض التي حرثوها بأيديهم وسقوها بعرق جباههم. احتلها التتار وأحرقوا كل ثقافتها وعلومها كما فعلوا في بغداد قبل قرون. حيث بينما كان فريق من همجيو التتار يعمل على قتل الانسان وسفك الدماء اتجه

فريق آخر من التتار لعمل إجرامي آخر. عمل ليس له مبرر إلا أن التتار قد أكل الحقد قلوبهم على كل ما هو حضاري في هذه بلاد العباسيين. لقد شعر التتار بالفجوة الحضارية الهائلة بينهم وبين العباسيين. بينما التتار لا حضارة لهم. ولا أصل لهم. إنهم أمة تعتاش على قتل كل ما هو ينبض بالحياة. نشأت في صحراء شمال الصين، واعتمدت على شريعة الغاب في نشأتها. لم ترغب مطلقاً في إعمار الأرض أو إصلاحها. لقد عاشوا حياتهم فقط للتخريب والتدمير والإبادة.

حروب التتار والمغول وأحفادهم من العثمانيين والأتراك هي حرب على الحضارة وحروب على المدنية. وحروب على الدين. بل هي حروب على الإنسانية كلها. قبائل الصين بنوا الجدار ليتجنبوا وحشيتهم وهمجيتهم التي لا مثيل لها، لكن فوق هذا لم يسلم الصينيون من غزواتهم البربرية. وأكبر دليل على ذلك مخطوط في كتب وذاكرة التاريخ، عن أسباب بناء سور الصين.

يعيش آل عفرين ما عاشه الصينيون قبل حوالي الألف عام من قتل ودمار وخراب واغتصاب وحرق لكل شيء تقع عليه أيديهم. ومن لا يقرأ هذا التاريخ، لا يمكن أن يعي حاضره ومستقبله. فمن يضع يده مع الهمجيين بكل تأكيد سيتطبع بطباعهم وغرائزهم الوحشية وإن كانوا من مِلّلة أخرى. بكل تأكيد أن “الأعراب” و” الكرد الجيدين” ممن يصفقون ويهلِلون لقاتل أمهم سيلعنهم التاريخ والحاضر والمستقبل.

لذلك وصفوهم الله في كتابه العزيز بأنهم ((أَشَدُّ كُفراً وَنِفَاقاً)) (التوبة: من الآية 97)، وذلك لأسباب لعل من أبرزها: أنَ الأعرابي لا يعتدّ إلا بتعاليم القبيلة وتقاليدها وولاءه بالدرجة الأولى إنما هو للقبيلة، فرسوخ تلك التقاليد في نفوس البدو جعلتهم أقرب للكفر والنفاق من غيرهم، ولذلك فإن البدوي في الغالب لا يصل إلى مرتبة الإيمان الديني والوطني الحقيقي الذي يتطلب أن يكون فيه القلب غير متطبع

 

بتلك الصفات والقلب إذا تطبع يعسر جداً تغييره إلا ما شاء الله. والأعراب جمع (عَرَب)، وهو أسم يطلق في أصل اللغة على سكان البادية. وإطلاقه على كل من صدق عليه من سكان البوادي سواء كان عربياً أم لا. وعليه يمكن أن نسمي الأشياء بأسمائها ونطلق على “كرد أردوغان الجيدين”، ما هم إلا أكراد على وزن أعراب، والذين يقدسون تقاليد القبيلة على المبادئ الوطنية حتى الإنسانية. ذهنية القبيلة و “النهج” التي

كانت ولا زالت هي الموجه الأس لهؤلاء المرتزقة السياسيين منهم ومأجوري البنادق و “الكوادين” الذين يبحثون عن زبائن لأمهم ووطنهم، ليشربوا نخب فض بكارتها وهم يضحكون على أنينها. وهم كالذي “يسرق من بيت أبيه ليعطيه الى اللص”، فلا اللص سيرضى عنه ولا أبوه سيغفر له.

تراجيديا يعيشها الكرد في وطنهم وهم غرباء عنه لا يسمح لهم بالغناء له والبكاء حتى على أطلاله. فقط عليهم أن يقتلوا أو يهجّروا كي يستوطن الأعراب الغرباء موطنهم. يخرجون آل الدار من ديارهم بغير حق، ليكون مرتعاً خصباً لنزواتهم الوحشية الدينية التي يتغنون بها، وهي منهم براء. يأخذون من الدين ما

يروق لهمجيتهم ونفاقهم ويتركون ما يحرمه الله عليهم. فالمنافقون لم يسمعوا عزل وجلّ في قوله: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰٓ أَهْلِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النور – 27). لم يسمعوا ولا يريدون الاستماع لمحرمات الله، لأن الله وصفهم وكل من على شاكلتهم بشكل دقيق: (﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [ سورة الفرقان: 30].

فصبراً آل عفرين وكذلك آل سري كانيه وكري سبي وإدلب وغيرها من المدن التي احتلتها تركيا على ضحكات المرتزقة وبيادقهم المأجورة، صبراً لأن وعد الله حق والحق قوة لا يمكن لأي كائن أن يمحوها من الوجود. الكل سيتحرر ويعود إلى مكان صباه ليركض تحت ظل الزيتون ثانية ضاحكاً من الذين لم يتعظوا من التاريخ وقول الله شيئاً.