قبل 6 سنوات، وتحديدًا في نهاية سبتمبر من عام 2015 تدخلت روسيا عسكرياً في الحرب السورية، ما شكَّل نقطة تحوّل في تاريخ هذه الحرب، أدى فى النهاية لزيادة مساحة سيطرة الجيش السوري من 21% من مساحة البلاد عام 2015 لنحو 70% حاليا.
وشارك في ذلك التدخل الروسي منذ بداياته أكثر من 60 ألف جندي، ونحو 26 ألف ضابط، وأدت عملياتها العسكرية إلى القضاء على أكثر من 133 ألف إرهابي، وفقاً لوزارة الدفاع الروسية.
وعلى الصعيد السياسي، دشنت موسكو مسارات جديدة لحل الأزمة السورية كمساري أستانة وسوتشي، بالتوازي مع مسارات الأمم المتحدة في جنيف، وهدفت هذه المسارات الروسية إلى الحيلولة دون سقوط بشار الأسد.
ومن خلال التدخل الروسي حققت موسكو مكاسب عدة، أبرزها توسيع النفوذ العسكرى الروسي فى سوريا، سواء في قاعدة حميميم الجوية، أو في قاعدة طرطوس البحرية، فضلا عن 24 تمركزا عسكريا، و42 نقطة مراقبة..
هذه التمركزات ضمنت لروسيا خلق موطئ قدم لها في البحر المتوسط، بعدما ظلّ لعقود طويلة منطقة نفوذ أمريكية يسيطر عليها الأسطول الأمريكي السادس.
ويعود تاريخ وجود القوات الروسية في منطقة شرقي الفرات إلى أواخر عام 2019، وتحديداً في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، عقب عملية “نبع السلام” العسكرية التركية في رأس العين وتل أبيض. كان الأمريكيون قد انسحبوا من المناطق الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا، إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه عن نية بلاده سحب كامل قواتها من شمال شرق سوريا.
إعلان أمريكا الانسحاب من الشمال السوري شجّع تركيا على شن عملية عسكرية بعد ثلاثة أيام، وهو ما دفع بقوات سوريا الديمقراطية إلى توقيع اتفاقية التفاهم مع روسيا القاضية بدخول الجيش السوري إلى المنطقة، خاصة المناطق الشمالية الواقعة على الحدود، بينما تعهدت روسيا بموجب تلك الاتفاقية بلعب دور “الضامن” في المنطقة لوقف زحف القوات التركية، وكذلك برعاية المفاوضات بين الإدارة الذاتية والنظام السوري.
وإن التدخل الروسي تم للحفاظ على الحكومة السورية والمؤسسة العسكرية في البلاد،و إلى نجاحها في الحفاظ على بشار الأسد.
وجاء التدخل والروسي في سوريا كي يعطيها فرصة لاستعراض عضلاتها في المنطقة، من خلال تواجدها على مدار السنوات الست والتي أظهرت أبراز قدراتها العسكرية.
والجدير بالذكر إنه لأول مرة تشارك موسكو في نزاع عسكري خارجي حدودها منذ انهيارالاتحاد السوفييتي، ومن ثم كانت الخطوة اختبارا جيدا لنظام القدرات العسكرية والأسلحة الجديدة المستخدمة في قتال داعش والجماعات الإرهابية.
أن روسيا نجحت كذلك في فرض نفسها كلاعب دولي على الساحة لا سميا أن سوريا جمعت منصة دولية عبر أنقرة وطهران وموسكو.
وعن مغادرة القوات العسكرية الروسية الأراضي السورية،
فمن الحماقة التحدث عن نشر قوات في سوريا ثم الخروج بعد تحقيق مكتسبات تتطلب الحفاظ عليها.
ومن المستبعد تماما أن تكون الخطة كانت تتعلق بالخروج من سوريا كقوات عسكرية، لافتا إلى أن تركيا لها قاعدة عسكرية في قطر، فرنسا لها أيضا قواعد في المنطقة، فضلا عن توقيع موسكو عددا من الاتفاقيات ربما تصل بها إلى نحو 50 عاما.
وأرادت روسيا من التدخل في سوريا حماية مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية في رسالة للعالم بأنها لا تزال قوة يعتد بها على الساحة الدولية.