نوسوسيال

سوريا:بقلم الاعلامية ستيرك كلو/ ما بعد مقتل السُليماني

562

سلسة أحداث في الأيام الأولى من العام الجديد، حملت مسار الصراع في المنطقة إلى مرحلة أخرى وربما أكثر تعقيداً في خِضم الفوضى الراهنة. المواجهات سواء أكانت بسبل عسكرية أو سياسة بعد مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سُليماني بين إيران وأمريكا لا تخص جانب فحسب في المنطقة بل تنطوي على جوانب عديدة تستمد شدتها من فترات سابقة جداً. السؤال الهام الذي يطرحه العديد شكل الرد الإيراني على هذه الصفعة القاسية لسياستها الخارجية. إن تقليم أظافر إيران عبر قتل الشخصية الرمز للسياسة الإيرانية “قاسم سليماني” المعتمدة ومنذ عصور على تصعيد الصراع ولكن خارج حدود بلادها، جاءت كرسالة تحذيرية وباتفاق العديد من القوى الأخرى التي تحاول أن تكون البديل لإيران، ولا غرابة حتى في مشاركة هذه القوى لهذه الرسالة، فقبل مقتل السليماني بعدة ساعات تحدث ترامب مع أردوغان هاتفياً وفي اليوم الثاني يخرج أردوغان برسالة أسف وحزن للخامئني!
لا يمكن الحسم فيما ستكون طريقة الرد الإيراني لهذه الرسالة القاسية، ولكن السياسة الأمريكية قائمة على تحجيم الدور الإيراني على حساب تفعيل أدوار أخرى للحفاظ على المصالح الأمريكية السائرة بالتوازي مع روسيا والقوى الإقليمية الوكيلة. الفراغ الكبير الذي تخلت عنه أمريكا لصالح إيران في العراق أكثر من أربعة أعوام باسم محاربة داعش والذي لعب الحشد الشعبي دوراً في محاربته بعد نداء الرئاسة العراقية، لا يمكن الاستخفاف به وبالإضافة إلى عزف إيران على وتر الجهاد الأكبر في كل من لبنان والعراق وسوريا من خلال حزب الله والحشد الشعبي “الوتر الشيعي”. بيَن العديد من الدول حزنهم وردهم وقلقهم على تصعيد الحرب بين كل من أمريكا وإيران بعد هذه العملية ولكن يبدو بأن الرد لا يتجاوز بعض ردات الفعل التي قد تحفظ لإيران ماء وجهها ولكن العقدة الأساسية يكمن فيما ستستطيع إيران تغيير نظامها نحو نظام ديمقراطي للخلاص من الأزمة الموجودة والخروج ببديل يحافظ على أمنها السياسي والاقتصادي الذي نمت على أسسه منذ عقود أم لا؟
يبدو أن أمريكا تصر على تنفيذ مشروعها في تعقيد الأزمة وبالتالي بقاء باب الصراع مفتوحاً أمام أعاصير المواجهات الدامية على حساب بعض القوى الإقليمية وجرها إلى مخاوف أكبر. ومن أكثر البلدان التي تعاني وستعاني هذه الأزمة هي سوريا والعراق وليبيا وتأثيراتها المباشرة على المنطقة برمتها. العراق بمواقفها ومن بعد الاحتجاجات الحالية لا تملك زمام الأمور ولا يمكن لإيران أن تكون صاحبة نفس القدر من النفوذ في هذه الساحة حتى وإن استطاعت تلقين بعض القواعد العسكرية ضربات عسكرية وهذا في حال إن استطاعت فتح باب المواجهة العسكرية بعدما تصاعدت لهجة ترامب ومحاولات بعض الدول التهدئة الشفهية خوفاً على مصالحها في الخليج. أن روسيا الغير راغبة في تصعيد المد الشيعي في المنطقة خائفة على مصالحها مع إيران ومن أكثرهم حذراً في هذا الموضوع حفاظاً على خطوط البترول والمصالح السياسية التي تؤثر مباشرة على المصلحة الروسية على حدودها وكذلك الحاضنة الإيرانية الموجودة في سوريا أيضاً.
لا يخفى بأن السياسة الخارجية لقوى الصراع في الشرق الأوسط تعتمد بنسبة كبيرة على وكلائها في السياسة الإقليمية الحالمة بالحفاظ على أنظمتها في توسعها، فحتى إن أعلنت العراق عدم رغبتها في الوجود الأمريكي بعد مقتل قاسم سليماني إلا أنها لن تستطيع أن تكون بالدور الرفيع في مواجهة تنفيذ المخطط الأمريكي وهذا ما سيؤدي الى تشديد الصراع في الفترة المستقبلية وسيؤدي الى توازنات جديدة في الفترة المستقبلية القريبة.