نوسوسيال

بقلم حسن ظاظا : الرئيس جمال عبد الناصر والفول المدمس الكردي

648

                                                    

من لا يعرف مجيد الفوال في مدينة دمشق… مجيد الفوال أشهر من نار على علم, في سوريا ومصر وبلاد الشام, هذا الرجل الكردي الذي جاء من مدينة ماردين إلى دمشق, وافتتح مطعمه الشهير

الفول المدمس المجيدي عام 1895/م بالقرب من ساحة المرجة في سوق العتيق بجانب حمام      (القرماني )؟..ومن لا يعرف صاحب هذا المطعم عبد المجيد مارديني بحي الأكراد والمنسوب إلى

العشيرة المشكينية المعروفة في مدينة ماردين وكردستان, حيث عرف هذا المطعم الشعبي الشهير في بلاد الشام ب ( صلح يا ولد ), وهي الكلمة المتعارف عليها بمطعم مجيد الفوال, ويعرفه

الكثيرون بمطعم (صلح ), هذه العبارة تعني إعادة تعبئة صحن الفول أكثر من مرة مجاناً حسب رغبة الزبون, وما يزال كرم مجيد الفوال يعشعش في دكانه وتوريثه لأبنائه وأحفاده إلى يومنا هذا, وليس

الرخص هو السبب الوحيد وراء القدوم إلى مطعم (صلح), فهناك أسباب من جرّب فولات المدمس المجيدي والكرم الكردي و (صلح يا ولد واحد سادة وواحد باللبن ), وشخصيات سياسية وثقافية وفنية

تناولت الفول المدمس ( المشكيني . . . الكردي ) في هذا المطعم الشعبي البسيط تناول فيه الفنان المصري المطرب عبد الحليم حافظ , والمطرب المصري محمد طه ,والممثل فريد شوقي ومعظم

الفنانين السورين يرتادونه,  وأيضاً رجالات السياسة والكتاب والصحفيين, فذات يوم جلس رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر بشحمه ولحمه يأكل المدمس الكردي, فأصبح من روّاد

هذا المطعم الشعبي خلال إقامته بدمشق, حيث أخذ يرتاده صباح كل يوم وهو عائدٌ من صلاة الصبح في المسجد الأموي, والسؤال هنا. . . ماذا فعل المدمس المشكيني والكرم الكردي بمطعم ( صلح يا ولد )؟.. وأهمية هذا المطعم عند رؤساء الجمهورية ووزراء سوريا, وشخصيات سورية ولبنانية وفلسطينية وأردنية ومصرية أيضاً.والرئيس جمال عبد الناصر المعجب بالفول المدمس الكردي وصاحبه مجيد الفوال, حيث قال الرئيس عبد الناصر المدمس المجيدي جعلني أسيراً له وبالكرم الكردي وأصالته . وبصوت هادئ بلهجته الشامية ولكنته الكردية صاح مجيد الفوال:

( صلح للريس يا ولد), ثم تقدم مجيد من طاولة عبد الناصر مرحباً به :أهلاً وسهلاً بك يا سيادة الرئيس في المطعم الكردي قائلاً له: نحن الكرد كرماء ومخلصون للوطن, ولكن زعماء الوطن تناسوا أفضال

الكرد على العرب, ونحن الكرد يا سيادة الرئيس وحدّنا كردستان مع مصر وبلاد الشام ثلاث مرات, الأولى بعهد صلاح الدين الأيوبي , والثانية بعهد محمد علي باشا والثالثة بعهد ابنه ابراهيم باشا, فقال عبد الناصر مستغرباً بلهجته المصرية: بتقول إيه …؟ يا مجيد كلامك حلاوة زي العسل . . فيه تاريخ وحكم..

فرد مجيد قائلاً: الشعب الكردي والسوري كله حلاوة … وإخلاص … ونقاوة يا ريس

وسأله عبد الناصر: إنت ساكن فين يا مجيد؟…

أجابه مجيد على الفور: أنا كردي من حي الأكراد بدمشق أدعوك يا سيادة الرئيس لزيارة حينا الوطني…

فوافق عبد الناصر على الزيارة, واتصل مجيد الفوال مع الوزير السابق ,بالعهد الوطني علي بوظو هاتفياً, وتمت ترتيبات الزيارة فوراً, وتم تحديد الموعد في مساء اليوم التالي, في بيت الوجيه عمر أغا شمدين بحي الأكراد, وكان في استقباله عضوا مجلس الأمة الاتحادي علي بوظو وخيري ظاظا رئيس

نادي كردستان الثقافي عام 1936, والدكتور كمال حمزة نائب دمشق في خمسينات القرن الماضي, والمفتش التربوي بوزارة المعارف الدكتور خالد قوطرش, والمثقف الوجيه حمدي اليوسف الملقب(كنه) بحضور فضيلة الشيخ الدكتور أحمد كفتارو, وعبد المجيد مارديني, ومرافق الرئيس عبد

الناصر الإعلامي و المعلق السياسي لإذاعة صوت العرب أحمد سعيد, ورئيس ديوان القصر الجمهوري في الإقليم الشمالي في سوريا محمد صادق أومري أبو وليد, من سكان حي الأكراد, ومن أبناء مدينة عامودا, وهو ابن عم طبيب الأعشاب الشهير في عامودا حينذاك خليل شفين, ورحب به عمر أغا شمدين

وجميع الحضور الذين تحدثوا معه حول العديد من مطالب الحي, والوضع العام في سوريا, ولكن علي بوظو وحمدي اليوسف, ركزا في حديثهما معه حول إصدار عفو سياسي عام عن المعتقلين الشيوعيين من أبناء الحي، وشباب الكرد من أبناء الجزيرة وحلب, وكلمة ( صلح ) حركت مشاعر الريس المصري لتصليح مواقفه السياسية تجاه الكرد والشعب السوري.