بقلم: شكري شيخاني/  حوارالطرشان

لابد من مخاطبة كل فئة من الفئات في هذا الكون بخطاب خاص ، والخطاب والتخاطب والنقاش هو طريقة للتفاهم والحوار و التفاعل و التلاقح الفكري ، يتأثر هذا الخطاب بعوامل الزمان والمكان

والحدث ، وهناك انواع كثيرة ومتنوعة من الخطاب ولكل خطاب اسلوبه الذي يميزه عن الخطابات الاخرى والامثلة كثيرة ، فهناك الخطاب الفلسفي والديني والسياسي والطائفي والعشائري وهناك

خطاب متحضر واخر متخلف ، ومن هنا نقول عن صاحب الخطاب وهو الكاتب او المتحدث هذا وفيلسوف وهذا متدين وهذا سياسي والفيلسوف كلاسيكي او حداثي والسياسي قومي وهذا بعثي وذاك

 

 

كوردي واخر عربي… و شيوعي راسمالي والمتدين ، متطرف وسطي او طائفي وهكذا ، وكما قلنا ياخذ اي خطاب في سياقه الزمني والمكاني والحدث الذي يدفع المتحدث للحديث والكاتب للكتابة ، للخطاب

 

شرط اساسي لابد منه وهو ، الشريحة الاجتماعية المستهدفة والتي قرر الكاتب او الخطيب ارسال رسالته اليها ، فليس معقولا ان يخاطب فيلسوف مجتمع قروي عشائري ديني بلغة ونظرية جون بول

سارتر او نظرية عمانوئيل كانت ، واذا ماقرر مخاطبتهم او الكتاب اليهم سيعني هذا ان اللغة تحولت الى حوار الطرشان ، مع علمنا بان الاعمى يستطيع الكتابة والقراءة (الخاصة) ، وكذلك الاطرش يستطيع السماع بطرق ووسائل (خاصة) ايضا .

هناك امكانية لان يتداخل الخطاب او الرسائل لكن هذا التداخل سيكون سلبي ويخلق اضرار بالغة اذا كان المتدين والدين بديل عن السياسة والسياسي ، وهناك ملل او قرف سيصيب المتلقي ان كتب او

تحدث السياسي عن موضوع بطريقة ادبية بلاغية فيها جناس و طباق ومحسنات لفظية ودوائر ومربعات او ان يكون خطابه او مقالته سردية طويلة فيها اجترار ، وكما قلنا ان الزمن والمكان والحدث
يلعبان الدور الاكثر اهمية في اي رسالة او خطاب .

ان من اهم الاسباب في حوار الطرشان هو المبالغة والتهويل و التداخل والابتعاد عن الواقعية والحقيقة والتقديس والكذب الواضح والصريح ، والتملق والتبجح وحب الذات والمديح الزائد عن الحد.

بالاضافة الى ماتقدم نقول ان الخطيب والكاتب الذي يريد ان يسمعه ويشاهده الاخر ، عليه ان يعرف نفسه ويعرف مايريد ، يؤمن بنفسه وبالرسالة التي يرسلها ، بعيدا عن اي هدف شخصي ذو مردود (

 

مثلما يكتبون على الإعلانات.. اعلان مدفوع الثمن ) ، ويكون صادق شفاف مع نفسه وبالتالي مع الاخرين ، وان لا يتقمص دور لايتناسب معه كما ونوعا ، فنحن نعيش زمان المعلوماتية ووسائل الاتصال

الحديثة وبالتالي الناس كما يقول المثل السوري (مفتح بالمازوت ) ، وهذا الامر يشمل الخطاب الديني الطائفي الذي ساهم في اسقاط القدسية عن العمامة لانه لم يلتقط اللحظة التاريخية وخاطب الناس

خارج حدود الزمان والمكان وتعامل مع الحدث من ابراج عاجية وغرف مغلقة ، فهو لايعرف البحث عن الخبز في مكب النفايات ، فحدث الناس عن الشكولاه والطائرات الخاصة والمراكب الشراعية الفخمة،

اخيرا ارى على الخطيب والكاتب السياسي ان يتقي الله في من يريد مخاطبتهم لاسيما في هذه اللحظة التاريخية وهذا الحدث المهول وهذه سوريا التي تحولت الى جحيم ، عليه هذا الكاتب او

المحاور ان يكتب بلغة مفهومة يفهمها الشعب والثوار ، عليه ان يبتعد عن السرد الممل والتعالي والفوقية ، عليه ان يحاول فرض مايريد قسرا ، عليه ان يعيش الزمان والمكان والحدث ، لا على طريقة

المقهى الباريسي ، ولا للنظريات الجاهزة والاحكام القبلية ، لا للمثل الافلاطونية والسفسطة واحلام اليقظة في التعامل مع الشعب السوري وشباب الثورة الذين تجاوزوا المثقفين والشعراء والسياسين

بسنين ضوئية وهم يتحدثون عن ثورتهم واعراس الشهداء الشباب الذي اغتالته وتغتاله أيادي المأجورين والذين يعملون لصالح اجندات خارجية وايادي الشر والرذيلة والخسة والدخول فورا بالتحدث

باسلوب صادق بسيط شفاف يمزج بكل انواع الخطابات ، يصل صداه الى اذان الطرشان فيجعلها تفهم ، تفهم قوة المتحدث وعزمه ورجولته وشجاعته في تحدي السيف المسلط على الرقاب ، تجاوزونا وهم يقدمون صور وافلام عن بطولتهم يشاهدها حتى الاعمى يحركون من خلاها البصر والبصيرة .

علينا التخلي عن كل شيء والتحلي في الشجاعة في قول الحق بعيد عن التعالي والتحذلق والتملق ولعب دور المدرس الاستاذ والتعامل مع الشعب والشباب الثوري في ساحات العز والكرامة ، على انهم

هم المدرس ونحن التلاميذ ، الشهادات العلمية التي حصلوا عليها من الحياة ومن الواقع المعاش وتحت ازيز الرصاص هي الافضل وهي قد تجاوزت قوانيين البحث العلمي ومقاعد وصفوف الدرس في الجامعات وصفوف الدرس في الدين والقومية الحزبية.