التوقف عند محطات تاريخية معينة ذات علاقة مباشرة و حميمية بين الاجزاء الاربعة من كردستان وذات اسقاطات ودلالات على احداث معاصرة, يؤدي الى فهم حقيقة الوطن الأم والمقسم الى أجزاء .
لعل اهالي روجافا يدركون جيدا ان تاريخ العلاقة مع باكور و باشور على وجه الخصوص ليس كله كما يتصوره فريق منهم معلب الرأي سلفا, بل هناك الكثير الكثير ليقال عن تلك العلاقات, بدءا من
العلاقات الأسرية و العائلية ومرورا بالعلاقات العشائرية والقبلية وصولا الى العلاقات الوطنية والمشاركة في الثورات التي قامت في كلا الجزئين من جانب أهالي روجافا, وتقديم التضحيات الجسام,
لا بل تعدى الأمر ذلك حيث زار العديد من أهالي روجافا جمهورية كردستان الديمقراطية في مهاباد بروجهلات كردستان وقدموا المساعدة و وضعوا أنفسهم بخدمة الجمهورية و قائدها القاضي محمد
يقول في ذلك الدكتور عبد الرحمن قاسملو في كتابه ( أربعون عاما في الكفاح من أجل الحرية ) الجزء الاول الطبعة العربية الثانية 1994 مطبعة كرد برس / بيروت – لبنان :
”
أضحت كردستان إيران موئل آمال و أماني الأحرار في جميع أجزاء كردستان أيضا. وكان ممثلو المنظمات الكردية وأبرز الشخصيات الكردية من كردستان تركيا و سوريا و العراق يتوجهون الى
مهاباد تباعا للزيارة. وصارت مدينة مهاباد موضع أمل و قبلة الأحرار الكرد . ” الصفحة 70 .
نعم الجمهورية الكردية لم تعش سوى 330 يوما و لكنها بقيت ذات اهمية تاريخية كبيرة ليس فقط
لدى الكرد بل في عموم الشرق الاوسط و العالم . كتب أ . روزفلت عنها قائلا : ” ان جذور و تكوين الجمهورية الكردية الصغيرة, و تاريخها القصير العاصف, و موتها الفجائي, كل هذه حوادث من المع حوادث الشرق الاوسط الحديث ” .
أ . روزفلت ( الجمهورية الكردية ) صفحة 247
القضية الكردية من أعقد القضايا في الشرق الأوسط و ربما في العالم, المسألة لا تكمن في تجزئة و تقسيم الوطن فحسب, بل هي أبعد من ذلك بكثير, فهي تهدف الى تجزئة وتقسيم المجتمع الكردي
و صهره في بوتقة الدول المستعمرة و المحتلة لكردستان و بمساعدة مباشرة من أطراف في المجتمع الكردي نفسه من خلال عملهم الدؤوب على مبدأ التجزئة وهذا الجزء ملك لي ولا يحق
لغيري أن يعيش فيه إلا وفق إرادتي و بمشيئتي, و بالطبع الدول المحتلة و الامبريالية العالمية التي تغذي وتدعم هذه الدول المستعمرة, تسعى جاهدة الى دعم هذا التوجه و تعميمه على جميع
الأطراف و القوى السياسية في المجتمع الكردي, لذا نرى بأن السبب الرئيسي في المعضلة الكردية يكمن في عدم التوافق بين الكرد أنفسهم على رواية تاريخ معين تجد الاطراف الكردية نفسها فيه متساوية او متوازية مع بعضها البعض أولا, و مع الاطراف الاخرى في الدول المحتلة و الغاصبة لكردستان ثانيا .
اللافت عند الاستغراق في متابعة التفكير السياسي الكردي المعاصر, هو مدى التطرف الذي يلون معظم افكاره و اطروحاته في الابتعاد عن ما يجمع الكرد من منظور القومية الكردية ويزداد تمسكا
بالجزئية و ذلك لتبرير الشعور بالخوف من طغيان الاكثرية على باقي الاجزاء , لذا نرى بأن الاطراف السياسية الكردية في كلا من باشور و روجافا و باكور تعمل دوما وفق مصلحتها الجزئية بعيدا عن
هموم ومعاناة الامة الكردية ككل وهو ما يؤكد سقوط الحركة القومية الكردية و انحدارها الى مستوى متدني و فشل كافة المحاولات في سبيل عقد مؤتمر قومي كردي . فمثلا نرى أهالي باشور
ينظرون نظرة دونية لأهالي روجافا حتى أنهم يقولون لهم ( خلكي سوري ) أي أهالي سوريا ولا يعترفون بكرديتهم و نعرف بأن مرد ذلك هو الحساسية المفرطة التي يتمتع بها أهالي باشور تجاه
روجافا على عكس نظامه السياسي الذي أتاح دائما وعبر تاريخه كله لتركيا وغيرها التدخل في شؤونه الداخلية, وها نحن نرى الآن بأم أعيننا كيف أنه فتح أبوابه على مصرعيه أمام الدولة الفاشية التركية
يتوسلها لحماية كيانه واستقلاله الشكلي و للحفاظ على سلطة العشيرة و العائلة الحاكمة و ربط ما تبقى من مكتسبات الشعب بتركيا, وإلا بماذا يمكننا تفسير استباحة الفاشية التركية لأراضي باشوري
كردستان منذ أكثر من شهرين ونيف وهو يقصف بالطائرات و يدمر القرى و يحرق الغابات ويتوغل الى العمق بمسافات تتجاوز ال 40 كم دون أن يعترض أو يحتج قادة الإقليم ! ؟ أو حتى أن يطالبوا من تركيا بوقف هذه العمليات و احترام القوانين الدولية ؟ .
لا بد لنا جميعا, سائر القوى و الأطراف السياسية و المجتمعية الكردية و الكردستانية في جميع اجزاء الوطن المقسم وفي الشتات أن نطلق العنان لصوتنا ونرفعه عاليا في وجه الطغيان الفاشي التركي
وأن نقرأ صحافتنا و نتعرف من خلالها أن للرأي أكثر من وجه, وأن للفكر حرية هي في اتساع العقل الإنساني , و أن نتفق على وحدتنا الوطنية بالانطلاق من نقاط الالتقاء بعيدا عن نقاط الاختلاف .
’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’
دجوار أحمد آغا تاريخ النشر 2 – سبتمر – ايلول 2020
’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’’