القاهرة:أماني عزام/ أهداف وأطماع القوى الأستعمارية المتصارعة في ليبيا

مضى نحو 9 أعوام على الصراع المحتدم بين الأطراف الليبية على العاصمة طرابلس، سعيًا إلى السيطرة على كامل ليبيا جغرافيًّا، ثم تطورت الأهداف من جغرافية إلى اقتصادية وتحولت إلى  نزاع إقليمي ودولي صريح للاستحواذ على النفط، وبالتالي تغيرت الوجهة من طرابلس إلى منطقتي سرت والجفرة

القاهرة: كتبت الزميلة أماني عزام

25 أغسطس -أب 2020
منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 شهدت المواجهات المندلعة متغيرات ميدانية عديدة، وتدخلات دولية، لتصبح ليبيا ساحة حرب بالوكالة بين القوى الدولية التي تسعى كل منها إلى تحقيق مصالحها الخاصة.

ويبدو أن أغلب دوافع التحركات الدولية تجاه الوضع في ليبيا هي من أجل الاقتصاد، حيث تسعى كل دولة إلى استنزاف الثروات الليبية خلال مرحلة الصراع قدر المستطاع، مما يسهم في إطالة أمد الحرب نتيجة تضارب المصالح الاقتصادية والسعي إلى إيجاد نفوذ سياسي، فيما عدا مصر التي ترى أن الصراع الليبي يهدد أمنها القومي، ونستعرض في هذا الملف خريطة القوى لدولية في ليبيا وأهدافها.

مصر

حرصت مصر منذ بداية الأزمة، على احترام سيادة الدولة الليبية، وبرز ذلك في عدم تدخلها في مجريات الصراع خلال المراحل المتعاقبة، على الرغم من أن ليبيا تشغل أولوية لدى مصر كونها دولة ذات حدود مشتركة -1200كم- وبالتالي فإن أي مخاطر أمنية وصراعات تحدث في الدولة الليبية يشكل تحديًا كبيرًا للقاهرة، ومخاوف جمة من تسلل العناصر الإرهابية وانتشار عمليات التهريب.

واستمرار الصراع وإطالة أمد الحرب يؤدي إلى استنزاف مقدرات وثروات الشعب الليبي، ويهدد وحدة الدولة الوطنية الليبية، ويشكل خطرًا كبيرًا ممثلًا في إعادة تموضع التنظيمات الإرهابية والمقاتلين في الجماعات الهاربة من ساحات القتال الخارجية كسوريا والعراق على أمن الإقليم وأمن مصر القومي، بالإضافة إلى ما أنتجه الصراع من حالات نزوح للمواطنين وأوضاع إنسانية أضرت بالبناء المجتمعي الليبي، واضطرار عدد كبير من المصريين العاملين في ليبيا إلى العودة بعد اشتعال دائرة النزاع في المدن الليبية.

وانطلاقًا مما سبق، رأت مصر أن تدخلها في رأب الصدع وتهدئة الصراع الليبي هو ضرورة ملحة لحماية أمنها القومي، فسارعت بدعم الجيش الوطني الليبي، والقبائل الليبية، وأجرت عدة مباحثات دولية وطالبت بخروج الميليشيات والتنظيمات الإرهابية الموالية لتركيا وقطر.

كما دعت مصر من خلال إعلان القاهرة -6 حزيران 2020- إلى وقف إطلاق النار والذهاب إلى طاولة المفاوضات والحلول السياسية، ودعم جهود البعثة الأممية لإدارة حوار ليبي يمهد إلى خريطة طريق تحفظ سلامة الدولة الليبية، كما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن خط سرت – الجفرة خط أحمر بالنسبة لمصر.

تركيا

وفي إطار محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإحياء الخلافة العثمانية البائدة، يسعى إلى أن يجد له موطئ قدم في ليبيا التي لا تربطه معها أي حدود جغرافية.

وتحظى ليبيا بأهمية اقتصادية كبيرة لدى تركيا قبل انطلاق الثورة ضد “معمر القذافي”، حيث امتلكت الشركات التركية المختلفة وخاصة العاملة في مجال البناء 304 عقود في ليبيا عام 2010.

ومع اكتشاف الغاز شرق المتوسط، ونظرًا لموقع ليبيا الجغرافي المطل على شرق البحر المتوسط ووفرة النفط المنخفض التكلفة زاد من اهتمام تركيا بليبيا، في ظل تنامي الرغبة التركية بترسيم الحدود المائية في منطقة حوض شرق المتوسط الغنية بالثروات الطبيعية وسعيها إلى سرقة حقوق الغير عبر سياسة البلطجة التي تتبعها.

كما تسعى أنقرة إلى فتح سوق جديد للسلاح التركي أو تجربة أنواع جديدة من الأسلحة للمساهمة في زيادة حصيلة تصدير السلاح التركي التي تجاوزت 6 مليارات دولار.

ولم تجد تركيا أمامها فرصة لتحقيق أطماعها سوى دعم حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج الذي وقعت معه اتفاقية أمنية وملاحية وعسكرية، لتكون هذه الاتفاقية بمثابة غطاء شرعي للتحركات التركية العسكرية والسياسية الحالية في ليبيا.

قطر

وإلى جانب تركيا التي تدعم حكومة الوفاق بشكل مباشر عسكريًّا، يوجد الدعم القطري الذي يتخذ غالبًا شكل الدعم السياسي والاقتصادي، سواءً للموقف التركي في ليبيا أو لحكومة الوفاق نفسها.

ويعتبر “النفط” هو المحرك الرئيسي لقطر في ليبيا، خاصة وإن الغاز الليبي هو المنافس الأول لقطر، ولذلك فإن الدوحة سعت للوجود في ليبيا منذ قبل العام 2011.

وتخشى قطر من منافسة الغاز الليبي، فوجدت أن ظهور تركيا في المشهد توافق مع الرؤى القطرية للسيطرة على الغاز.

كما أن التحالف القطري – التركي في ليبيا يسعى إلى إقامة “دولة إخوانية”، على المتوسط لديها ثروات كبيرة، إضافة إلى تكامل الدور مع وجود الإخوان في تونس، وهو ما يمثل خطورة كبيرة على المنطقة.

إيطاليا

تتعامل إيطاليا مع ليبيا على أنها منطقة نفوذ تاريخية لها، لكونها كانت أهم المستعمرات الإيطالية في إفريقيا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، ولذلك فإنها تتحرك في هذا الملف وفق مصالحها الخاصة، فهي ترى في شركة “توتال” الفرنسية العاملة في المجال النفطي مهددًا حقيقيًّا لشركة “إيني” الإيطالية التي تمتلك استثمارات في ليبيا منذ عام 1959.

وعلى الرغم من الاعتراف الإيطالي بشرعية “حكومة الوفاق” التي يرأسها “فايز السراج”، لكنها لم تتجه لتقديم الدعم العسكري لها، لأنها تفكر في الحفاظ على توازنها مع مختلف الأطراف الليبية وعدم التأثير سلبًا على إمدادات النفط.

وقد عملت إيطاليا على التنسيق مع تركيا فيما يخص الأزمة الليبية في شهر نيسان/أبريل 2019، لكنها سرعان ما رفضت الاتفاقية الموقعة بين أنقرة وحكومة الوفاق في تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته، خشيةً منها أن تنزلق الأوضاع لحرب طويلة الأمد يكون لها تأثير على مصالحها.

ومنذ بداية عام 2020 باتت إيطاليا تتحرك بشكل مختلف بهدف لعب دور أكبر في ليبيا، حيث التقى وزير الخارجية الإيطالي “لويجي دي مايو” مع كل من “السراج وحفتر”، كما عقد لقاءً مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.

وتعمل عدة شركات إيطالية في قطاع النفط الليبي وتستحوذ على حصة كبرى منه، وأبرزها شركتي “إيني” و”بوتشيلي”، وظلت شركة “إيني” الإيطالية مستثمرًا أساسيًّا في الغاز والنفط الليبي على مدار سنوات بما فيها فترة العقوبات التي فرضت على ليبيا عام 1992.

وتسيطر “إيني” حاليًّا على أغلب الحقول النفطية في “برقة” و”فزان”، وترغب روما في تأمين مصالحها النفطية بليبيا بشكل واسع، إذ تستورد 12% من احتياجاتها من الغاز، و25 % من احتياجاتها النفطية من ليبيا وهي ما تمثل 32% من الإنتاج النفطي الليبي.

وسعيًا منها لحفظ مصالحها النفطية لجأت إيطاليا إلى دعم فايز السراج رئيس حكومة الوفاق في غرب ليبيا والميليشيات الموجودة في طرابلس، والتي كانت تسيطر على منطقة الهلال النفطي التي تُعدُّ منطقة الإنتاج النفطي الأبرز في ليبيا.

كما ترى إيطاليا في الصراع الليبي تهديدًا أمنيًّا لها، إذ تمثل ليبيا بوابة المتوسط إلى روما وتصدر العديد من التحديات الأمنية كونها معبرًا للهجرات غير الشرعية إلى دول أوروبا، لذا قامت إيطاليا بنشر وحدات وقطع عسكرية بمناطق شمال طرابلس؛ لتنسيق دوريات مشتركة للحد من عمليات التهريب والهجرة عبر السواحل الليبية، كما قدمت دعمًا متقدمًا لبناء قوة خفر سواحل ليبية ومراكز لاحتجاز وتأهيل المهاجرين؛ لمنعهم من العبور إلى إيطاليا وأوروبا.

فرنسا

ومن جانبها، تسعى فرنسا إلى تأمين مصالحها الاقتصادية في ليبيا والسيطرة على حقول النفط عبر شركتها “توتال”، بالإضافة لسعيها إلى استحواذ بعض شركاتها مثل المجموعة الهندسية “اليستوم” وشركة الأسمنت “لافارج” على عقود إعادة الإعمار الليبية وإعادة تأهيل المنشآت التي تم تدميرها خلال الصراع.

وترى فرنسا في المشير خليفة حفتر أنه شخص قوي قادر على ضبط الأمن في ليبيا، بالإضافة إلى أنها ستتمكن من خلال علاقاتها الوطيدة معه من الحصول على امتيازات بما يخص استخراج النفط وعقود الاستثمار بعد أن استطاع السيطرة على الهلال النفطي من حكومة السرّاج والميليشيات التابعة لها.

الدعم الفرنسي لحفتر قديم، ويعود إلى بداية شهر أيار/مايو 2014 بعد إطلاق حفتر عملية “الكرامة” تحت شعار “محاربة الإرهاب”، حيث أوفدت الاستخبارات الفرنسية مستشارين إلى بنغازي من أجل مساعدة حفتر في تخطيط الهجمات والعمل على تزويده بالمعلومات، كما ساهم المستشارون العسكريون الفرنسيون عام 2016 في بناء حفتر لقوات منظمة بالاعتماد على الوحدات العسكرية التي كانت تتبع لنظام “معمر القذافي” سابقًا.

وتمثل ليبيا بوابة فرنسا نحو مصالحها في دول الصحراء خاصة (تونس، المغرب، موريتانيا، مالي) والتي ترتبط فرنسا بها بشكل استراتيجي، لذلك فإن فرض الاستقرار في الجنوب الليبي لن يمكن الشركات النفطية الفرنسية من استكمال أعمالها فقط، بل سيمتد إلى تعزيز الدور الفرنسي الهادف إلى تحقيق الأمن ومحاربة التنظيمات الإرهابية في دول الساحل والصحراء.

ألمانيا

وترتبط ألمانيا بشبكة من المصالح المعقدة في ليبيا، حيث تمتلك استثمارات بقيمة 2 مليار دولار في قطاع النفط الليبي، وتقوم الشركات الألمانية بعمليات التنقيب وتكرير النفط في ليبيا منذ عام 1958، لذلك فإنها كانت من الدول المعارضة لسقوط نظام القذافي.

كما تسعى ألمانيا إلى كبح الطموح الفرنسي والبريطاني في التغلغل بالصراع لتحقيق هيمنة على الثروات الليبية، والتفرد بصدارة المشهد الدولي من حيث حشد وتحريك القوى الأوروبية وراءها لتبني وجهات نظرها، بالإضافة إلى سعيها لضمان عقود اقتصادية ترتبط بمشروعات التنمية وإعادة الإعمار في ليبيا مع انخفاض حدة الاقتتال.

وعقدت برلين مؤتمرًا بالتعاون مع حكومة الوفاق بعنوان “الملتقى الاقتصادي الليبي الألماني” أبدت فيه رغبتها بالاستثمار في قطاع النفط والغاز الليبي، وقد برز هذا التعاون بينها وحكومة الوفاق حين تراجعت الوفاق مؤخرًا عن قرارها بتعليق عمل عدد من الشركات الأجنبية ومنها شركة سيمنز الألمانية المشرفة على غالبية مشاريع الطاقة في ليبيا، كذلك في تحركات ألمانيا المتعاقبة لاستصدار قرار من مجلس الأمن لوقف تقدم الجيش الليبي لتحرير العاصمة؛ للإبقاء على وجود سلطة الوفاق بالعاصمة طرابلس وحفظ مصالحها بليبيا.

ولذلك تبحث ألمانيا عن تخفيض حدة الصراع في ليبيا، والتوصل إلى حل سياسي نهائي ينهي التدخلات الخارجية، حيث كثفت الخارجية الألمانية جهودها منذ حزيران/يونيو 2019 من أجل عقد مؤتمر دولي لبحث الحل السياسي في ليبيا، وقد تمكنت من ذلك مطلع عام 2020 فيما عرف باسم “مؤتمر برلين”.

بريطانيا

تحرص لندن على توجيه دفة الأوضاع والصراع في ليبيا بما يمكّنها من الخروج بالقدر الأكبر من المكاسب التي تستطيع اقتناصها، وتحكم تحركاتها مجموعة أهداف استراتيجية كدعم وتمكين جماعات الإسلام السياسي لتصدر المشاهد الانتقالية والتحكم في مستقبل تلك البلدان بما يتوافق ومصالحها؛ لذلك حرصت في مراحل الصراع الأولى -بعد سقوط القذافي- على دعم جماعة الإخوان المسلمين حتى استطاعت الاستحواذ على المؤتمر الوطني الليبي، ومع فشلها في الاستمرار وبروز تيارات أخرى تمكنت من الوصول إلى صدارة المؤسسات الليبية المنتخبة اتجهت بريطانيا إلى دعم حكومة الوفاق بالغرب وتجاهل شرعية البرلمان المنتخب.

وتستهدف بريطانيا منع تمدد الهجرات غير الشرعية عبر ليبيا، وقدّمت مساعدات إنسانية تحت هذا المسمى لحكومة الوفاق، كما ترغب لندن في تحقيق تعاون في مجال ملاحقة المطلوبين والعناصر الإرهابية وهو ما برز في تسليم حكومة الوفاق لها شقيق منفذ هجوم مانشستر.

وأبدت بريطانيا رغبتها في توسيع دائرة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع ليبيا خلال لقاء نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق “أحمد معيتيق” مع المبعوث التجاري لرئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي.

كما تمتلك شركة “بريتيش بتروليوم” البريطانية حصة كبيرة-42%- من النفط الليبي، ولديها امتيازات للتنقيب في مناطق الغرب كغدامس وسرت، ووقّعت خلال الفترة الأخيرة عدة اتفاقات مع شركة إيني الإيطالية ومؤسسة النفط الليبية لإعادة توزيع الحصص فيما بينها، وأبدت أيضًا رغبتها في توسيع عملياتها في ليبيا خلال الفترة المقبلة.

ولدى الحكومة البريطانية أموالٌ ليبية مجمدة منذ 2011 تُقدر بـ 9.2 مليار جنيه إسترليني، وترغب بريطانيا في استقطاع قطاعات منها تحت مسميات عدة كتعويضات عن دعم نظام القذافي لمتطرفين وضرائب، ويتهمها البرلمان الليبي والجيش الوطني بدعم المجموعات المتطرفة والمسلحة وتقويض الأمن والاستقرار في ليبيا.

روسيا

تحافظ روسيا على علاقات متوازنة مع أطراف الأزمة الليبية، وهو ما يتضح من تحركات روسيا الدبلوماسية التي أدت فيها موسكو دور الوسيط، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، وأعقبه بلقاء مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج في آذار/مارس 2017، انتهاء باجتماع الطرفين في موسكو في آب/أغسطس من نفس العام بهدف التوصل إلى بنود مصالحة واضحة بين الأطراف.

ويبدو أن هذه السياسة المتوازنة مدفوعة بدوافع اقتصادية، فروسيا هي التي قامت بطباعة الدينار الليبي ليوزعه البنك المركزي، فيما وقعت شركة النفط الروسية العملاقة (روس نفط) عقدًا لشراء النفط من الشركة الوطنية الليبية للنفط عام 2016.

ويبدو أن موسكو ترغب في تسوية سياسية تنهي حظر تصدير السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة ضد ليبيا، وذلك لزيادة مبيعاتها العسكرية عن طريق دعم الجيش الوطني بعد سنوات منهكة من الصراع، حيث بلغ التبادل العسكري مع ليبيا قبل الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 قرابة الـ 4 مليارات دولار، وحتى اليوم يعتمد الجيش الوطني الليبي في الخبرات العسكرية على روسيا، ومن هنا ستستفيد روسيا من إلغاء حظر بيع السلاح إلى ليبيا.

كما أن قدرة روسيا على موازنة علاقاتها بين حفتر وحكومة الوفاق ستنعكس على العلاقات التجارية وعقود الإعمار التي يمكن لروسيا الحصول عليها مستقبلًا، فالشركات الروسية مهتمة ببناء سكة حديد تربط بين بنغازي ومدينة سرت بمناقصة تقدر قيمتها بـ 2.5 مليون دولار، بشكل سيعزز من اقتصاد روسيا وتأثيرها في منطقة البحر المتوسط.

كما تهتم موسكو بليبيا كونها مدخلًا للبحر المتوسط وجنوب أوروبا يمكن التعويل عليه في امتلاك قواعد عسكرية بتلك المنطقة، وهو ما تم تداول أنباء في الأوساط البريطانية عنه وأثار تخوفات أوروبية من احتمالات انتقال التهديد والنفوذ الروسي إلى جنوب المتوسط بدلًا من شرق أوروبا.

كما تمثل ليبيا فرصة لعودة روسيا كقوة دولية قادرة على توجيه دفة الصراعات؛ ما سيمكنها من العودة إلى المشهد الدولي بصورة قوية تمكنها من موازنة الوجود الأمريكي بالشرق الأوسط، وتفتح أبواب للتوغل الروسي في أفريقيا العامرة بالثروات.

أمريكا

ويمثل النفط الليبي عامل محرك للسياسات الأمريكية تجاه الأوضاع في ليبيا؛ حيث تسيطر شركات أكسون موبيل، وأوكسيدنتال بتروليوم الأمريكيتين على حصة نفطية ذات أهمية كبرى.

وتأثرت مصالح تلك الشركات بالأوضاع الأمنية المتدهورة في ليبيا منذ 2011، ولذا ترغب واشنطن في فرض الأمن والاستقرار في ليبيا لتعاود تلك الشركات العمل بكامل طاقتها.

كما تبحث الولايات المتحدة عن نفوذها الذي اعتادت الاستئثار به على مجريات الأوضاع في المنطقة، ومواجهة تنامي الاهتمام الروسي بليبيا؛ حيث تمثل ليبيا -منذ عهد القذافي- أحد أكبر مشتري المنظومات التسليحية، ولذلك تريد دعم إعادة الأمن وفرض النظام بما يضمن أن تصبح البائع الأول لدى السلطة الليبية القادمة، وإزاحة البائعين المنافسين عن دائرة الاختيارات المتاحة أمام الحكومة القادمة، وهو ما يعني استثمارات ومبيعات لأنظمة تسليح بقيمة عالية.

كذلك تمثل إعادة إعمار ليبيا في المرحلة التالية للصراع فرصة كبرى للشركات الأمريكية للدخول والعمل في هذا البلد الثري بالموارد والنفط، والمتعطش إلى عمليات تنمية وتطوير شاملة وكبرى، ستضمن من خلالها الشركات والبلدان الحائزة على عمليات إعادة الإعمار تدفقات نقدية طائلة.

منقول