تستعر المعركة مع داعش، وتسبقهاـ أو بالتوازي معها وجبهات إثارة الغبار الذي يغطي
الفضاءات المسلوبة والمستباحة، فيضيع الحابل بالنابل، وتتماهى هوية المتعاركين وانتماءاتهم في
عملية خلط الأوراق الجديدة على قاعدة عقائدية ((أكل الدهر عليها وشرب)) بلبوس جديد تحت راية
محاربة القاعدة ؛ التي يتزاحم مشغلوها على استنساخ الأسماء والمواقع والأدوار ورغم أنه ليس من
الصعب الإسهاب في شرح مطول للعلاقة الجازمة بين من جاء مرسلاً من دول العالم الاسلامي بوجه
اسلامي جديد ولبوس الجلاليب للإسلام ((الفيزون)) المدعوم من الطربوش العثماني ليقاتل على أرض
الجزيرة وبين من يقتتل داخلها اليوم على وقع الشعارات والمزاعم وحالات النفاق المستوردة.
خلايا داعشية نائمة، فإن المسألة ليست في تلك التصاميم المزدوجة التي تتعاطى بأكثر من وجه مع
الحقيقة، ولا في الغرق بتفاصيل تأكيد المؤكد، بقدر ماهي في الرسائل التي تحملها ((مبادرة))
الاقتتال حتى اشعار آخر، حيث تكثر التحالفات ((القومجية الأسلاماوية)) وتنتعش الأحلاف على وقع
الأنقاض البعثي في سورية والعراق، وتتوحد القيادتين القومية في البلدين من المعارضة البعثية
للأنظمة القائمة على مزابل الطائفية المدعومة من ايران لينقسم حزب البعث إلى قسمين الأول
موالي لإيران والأخر صدامي بلباس قومجي إسلامي بقيادة عزت الدوري.
هكذا البعث العراقي والسوري الذي تستر تحت شعار ((العلمانية)) واليوم يتستر بقناع الأسلام
((الفيزوني)) الزائف فإذا كان الافتراض بأن أمريكا قررت أخيراً إضفاء الشرعية على قتال القاعدة
بوجهها المدرج على لائحة المنظمات الإرهابية، كالنصرة أو ربيبتها المنسية عمداً ((الدولة الاسلامية
في العراق والشام)) فإن عملية التعويم لمسخها الإرهابي الجديد ((الجبهة الاسلامية)) تستدعي
جملة من الاسئلة، وتستنفر حواملها الموضوعية على أرضية من التباين الواضح في المحاكاة
الأمريكية للعملية برمتها، والتوقيت الذي يسبق كل المؤتمرات والاجتماعات الدولية لتكون
((الجوكر)) في لعبة الرهان والأوهام.
فكل الجبهات الاسلامية كبديل من الأصل القاعدي القائم هي عبارة عن فلول منهزمة من تنظيمات
سابقة كانت حتى الأمس القريب تدعي وحدانية الأصل، وحسابات داعش والنصرة معاً على عجل لتكون
((بيضة القبان)) المنتظرة في عملية صفحات التنظيمات الإرهابية، وقد خبرتها في عهود عملها
المنظم مع القاعدة نشؤاً وتطوراً ومن ثم انفلاشاً، وهي بذلك تحاول أن ترسم خطاً فاصلاً بين إرثها
المتراكم في العلاقة مع القاعدة وبين الوجه الجديد لإسلامها ـ الفيزون ـ الذي تترجمه اليوم ((الجبهة
الإسلامية)) المتحالفة مع البعث السوري المناوئ للنظام السوري ومن جهة أخرى مخترقة من النظام
نفسه بأساليب لوجستية متعدده، بيدٍ تصافح نظام الملالي في إيران وباليد الأخرى تصافح الإسلام
(الفيزون) وتختلط الأوراق ما بين بعث العراق والبعث السوري تحت شعارات داعش وفاحش وتسميات
عديدة المهم من كل هذا القضاء على أي كيان أو أقليم كردي أو إدارة ذاتية ديمقراطية في
المنطقة. ومن الغريب والعجيب ان بعض الكرد وبعض الأحزاب الكردية ((الكرتونية)) التي اتخذت من
هولير مركزاً لها. لم تعي خطورة الإسلام الفيزوني والمؤامرة الكبرى على الكرد من كل الأطراف
الإسلامية والداعشية وغيرها، والانكى من ذلك الموقف الهزيل للمجلس الوطني الكردي من
الشهادة والشهداء الذين يدافعون عن شرفهم وأرضهم … عن روج آفا…
عن غربي كردستان البطلة … عن كوباني الصامدة… هذا المجلس الهزيل المخترق من النظام السوري
والأسلام التركي … هذا المجلس الوسيط ما بين النظام وأسيادهم.
أيها الكرد بالله عليكم… واستحلفكم بمعراج الرسول ومهدي عيسى والبتول… أيها الكرد وبخودي تاؤوس ملك قولوا الحقيقة وقيموا ما بين المواقف… والشهادة والاستشهاد في سبيل الحرية
والاستقلال والعيش المشترك، المواقف المتخاذلة تجاه الشعب وغربي كردستان للمجلس الوطني الكردي وأيهما أخطر داعش أم المجلس الفاحش؟ الأسئلة كثيرا ومتعددة. والقرائن موجودة حين تشكل المجلس الوطني الكردي. ضم إليه أحد الكرد البعثيين بدمشق يمتهن تجارة الرقيق في نقابة الفنانين السورية رئيساً لمكتب تشغيل فنانات الدرجة العاشرة ـ راقصات وفتحات هزي يا وز…ورقصني يا كدع ـ وجميعكم في هذا المجلس العتيد تعلمون ذلك وتعرفونه شخصياً المهم هذه هي صورة مجلسكم الموقر المبجل المعظم(بجدوني عظموني وأنا تيساً معمعمُ)…. ولا يسعني إلا أن أقول لكم كفى وكفاكم تجارة بشعبكم؟!
وإذ تقف الاسئلة حائرة أمام تطورات مشهد يتجه حسب الطلب ووفق الغاية، فقبل أشهر كانت
((داعش)) أينما حلت تزيح كل التنظيمات الأخرى، وتسيطر على أي موقع لهذه التنظيمات، تصل إليه
ومع تقدمها تحول الهيكل المصطنع لما كان يسمى الجيش الحر وكتائب غويران وجند الشام وجبهة
النصرة والجبهة الإسلامية وجند ((أبو فسفوسة وضراب السخن)) وهكذا… والخ….
إلى بقايا متصارعة على الانضواء تحت أجنحة مختلفة، وفجأة يتغير الاتجاه وتصبح بقاياه وشظاياه قادرة بين ليلة وضحاها على دحر((داعش)) والاستيلاء على أماكن حضورها. لا أعتقد أمام هذا الواقع
دائماً أن بمقدور أميريكا وربيبتها في الأرهاب وصنيعتها أيضاً، أن تستغفل العقول دائماً، ولا أن نتعامل باستغباء مع العقل البشري والمجتمع الدولي إلى هذا الحد، ولا أن تقدم مسرحيتها الهزلية
بهذا الإسفاف، فاللعبة مكشوفة، والإرهاب الذي يمارسه الإسلام ((الفيزون)) هو ذاته، وربما أخطر مما قامت به القاعدة حتى الأن، بل يتفوق عليه، وما ارتكبته عبر مسماها الجديد لكل المجموعات
الإسلامية المرتزقة ((الإسلام الفيزون)) من فظائع في سري كانيه وكوباني. وفي المناطق الكردية والعربية وغيرها شاهد إثبات، وقرينة محاججة لا تنتهي بالتقادم.
وتبقى المعضلة أن أميركا التي تفتح حرب((داعش)) وتشعل جبهاتها في غير موقع، لا تستطيع أن تتبرأ من معارك ((الإسلام الفيزون)) المعلنة والمضمرة…
بالأصالة عن نفسها أو وكالة عن الأميركي والتركي، وهي تفتح الباب على حروب تمتد باتساع الدعم الذي تتلقاه، والإرهاب الذي تنتجه اليوم هو ذاته الذي أصابها يوماً، حتى لو اختلفت الراية أو تغير
الشعار والتاريخ شاهد على ما اقترفته المجموعات الإسلامية الفيزونية من حروب امتدت عقوداً، وبعضها متواصل منذ قرون، وقرينتها معاركها التي تستعر اليوم، حيث المقارنة قائمة مادامت يد
الإرهاب الإسلامي الفيزوني تتشابك مع الأصابع التركية، لتكون اللعبة الأميركية مستمرة في شد
حبال الإرهاب بين ((داعش)) تارة وبدائلها في الأسلام الفيزوني من ألوية القتل والذبح للأسلام الفيزون الذي يستهدف الكرد في كل مكان.