بقلم:دجوار أحمد أغا/ المؤتمر الوطني الكردستاني ضرورة ملحة في هذه المرحلة

تعود بدايات فكرة تشكيل المؤتمرالوطني الكردستاني في وقتنا الراهن الى ربيع 1994 عندما رفعت الدولة التركية الحصانة البرلمانية عن مجموعة من النواب الكرد في البرلمان التركي والقاء القبض على البعض منهم وزجهم بالسجون والمعتقلات ( ليلى زانا – خطيب دجلة – اورهان دوغان – سري ثريا – مهدي زانا …) , مما دفع بالبعض الآخرالى الخروج من تركيا و التوجه نحو أوروبا ( يشار قايا – رمزي قرتال – زبير ايدار – احمد أكتاش – علي ايغيت …) حيث إجتمعوا مع القوى و الأحزاب الكردستانية وتناقشوا بالأمر وكيفية النضال من أجل قضية الشعب الكردي وحقوقه المشروعة وإتفقوا على تشكيل لجنة تحضيرية للتمهيد لعقد هذا المؤتمر .
يقول في معرض حديثه عن ذلك أحد مؤسسي المؤتمر السيد زبير أيدار :
” بعد خروجنا من تركيا توجهت الى دمشق حيث كان القائد عبد الله أوجلان و بقيت هناك مدة ثلاثة أسابيع قال لنا القائد أوجلان :
( أنتم النواب الكرد عليكم أن تعملوا من أجل الوحدة الكردية ) .
كان إقتراح أوجلان صائبا حيث بدأنا بالعمل واجراء اللقاءات مع القوى والأحزاب الكردية و الكردستانية في أوروبا لعقد مثل هذا المؤتمر, لكن لاحظنا أنه هناك الكثيرمن القوى و الأحزاب السياسية ليست مستعدة لعقد هكذا مؤتمر, لذا طرحنا فكرة بديلة وهي تشكيل برلمان كردستان في الخارج ( PKDW ) كبديل في نيسان من العام 1995 و تمت الموافقة عليه وكان موجها بشكل مكثف نحو شمال كردستان ” .
يُضيف أيدار : أن القائد أوجلان دعا الى الإسراع في عقد المؤتمر لدى إقامته المؤقته في روما 1998 حيث كان من المقرر إعلانه في نوروز 1999 ولكن نتيجة المؤامرة الدولية بحق القائد أوجلان , تأجل عقد المؤتمروالذي أعلن عنه لاحقا في آيار من العام نفسه في أمستردام عاصمة هولندا تحت إسم المؤتمر الوطني الكردستاني ( KNK ) .
ننطلق الآن من الواقع الكردي المعاش حاليا , و نتسائل : تُرى ألا يمكننا إعتبار الحوار الكردي- الكردي الذي جرى في مدينة الحسكة بتاريخ 17 / 6 / 2020 إستنادا الى مبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي لتوحيد الصف الكردي وإعادة ترتيب البيت الكردي و برعاية وإشراف مباشر منه ومن السفير الأمريكي ويليام روباك ومساعدته إيميلي برانديت كبداية وخطوة مهمة نحو إزالة نقاط الخلاف بين القوى الكردية والكردستانية في سائر أجزاء كردستان وتوحيد رؤيتها المشتركة حول القضايا المصيرية لشعبنا ؟ أم أننا سنستمر في الضياع بين الهواية والإحتراف ؟ بمعنى أننا سنبقى لا نستطيع أن نفرق بين العمل السياسي الموجه و الهادف و بين العمل السياسي الحزبي ونستمر نعيش في واقع الأنانية الحزبية الضيقة ليس فقط على مستوى الأيديولوجية وإنما على مستوى سائر أجزاء كردستان !.
في الكثير من الأحيان تكون المقدمات الصغيرة ذات نتائج كبيرة ونجاحات باهرة , وليس شرطا أن تكون المقدمة أو البداية كبيرة للحصول على نتائج كبيرة .هذا الجزء الصغير بحجمه وعدد سكانه ومساحته ,الكبير بإنجازاته ومكتسبات شعبه التي حققها بفضل تضحيات أبنائه وبناته , قادرعلى أن يلعب دورا رياديا وقياديا في تكوين وتأسيس مؤتمر وطني كردستاني يشمل ويضم في أحشائه سائر القوى والأحزاب الكردية والكردستانية ويكون مظلة تجمع الكرد أينما وجدوا وتوحد كلمتهم أمام العالم أجمع وتدعم نضالهم و كفاحهم المشروع في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة وفق المواثيق والمعاهدات الدولية التي أقرت ذلك منذ أكثر من 100 عام على اثرمعاهدة سيفر والتي تحل في العاشرمن شهرآب القادم مائة سنة على عقدها .
هذه المعاهدة هي واحدة من سلسلة معاهدات وقعتها الدول التي إنهزمت في الحرب العالمية الأولى ومن ضمنهم الدولة العثمانية ( وريثتها تركيا الحالية ) مع بريطانيا و فرنسا و إيطاليا . أهم ما جاء في هذه المعاهدة بخصوص الكرد كان في المواد 62 – 63 – 64 حيث ذكرت أنه من حق سكان كردستان إجراء إستفتاء لتقرير مصيرهذا الإقليم الذي يضم إلى جانب أراضي كردستان المحتلة من جانب تركيا , ولاية الموصل أيضا ( إقليم كردستان العراق حاليا ) , أي أنه كان هناك إقرار بحق الكرد في العيش وفق الرؤية التي يرونها مناسبة لهم ومن ضمنها الإنفصال و تأسيس دولة كردستان . بطبيعة الحال الظروف الراهنة التي يعيشها الكرد تختلف إختلافا جذريا عن تلك التي كان يعيشها آنذاك , حينها لم يكن للكرد سوى ممثلين أشخاص وطنيين أمثال الجنرال شريف باشا و أمين عالي بدرخان و بضعة جمعيات ثقافية و أفراد آخرين أما الآن هناك آلاف المثقفين الكرد الوطنيين ومئات الأحزاب والقوى التي لها تأثيرعلى الرأي العام المحلي والإقليمي و بالأخص الأحزاب الرئيسية مثل : ( الحزب الديمقراطي الكردستاني KDP والإتحاد الوطني الكردستاني YNK و حركة التغييرGORAN والكومله KOMELA والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني PDKÎوالإتحاد الديمقراطي PYD والحزب الديمقراطي الكردستاني سوريا PDKS و حزب الشعوب الديمقراطية HDP و حزب العمال الكردستاني PKK ) هذه القوى و الأحزاب السياسية الرئيسية على الساحة الكردستانية و التي لديها قوات عسكرية وإمكانات مادية و بشرية تؤهلها لأن تكون النواة لمؤتمر وطني كردستاني يتمكن الكرد من خلاله تجميع قواهم و توحيد مواقفهم للوصول الى موقف واحد يتمتع بالقوة ويُأُخذ من جانب القوى الإقليمية والدولية على محمل الجد .
بالعودة الى ترتيب البيت الكردي , هناك الآن جسم يضم قوى وأحزاب وشخصيات ونخب سياسية و برلمانية و أكاديمية و مفكرين و فنانين , بإختصار من جميع مكونات الشعب الكردي يوجد فيه ومن مختلف أجزاء كردستان و من الشتات , على الرغم من إختلافاتهم الفكرية العقائدية فهناك من أقصى اليمين الى أقصى اليسار, ألا وهو المؤتمر الوطني الكردستاني (KNK ) والذي مقره الرئيسي في بروكسل عاصمة بلجيكا.
تكمن أهمية هذا المؤتمر في خلفيات أعضائه المختلفة و المتنوعة و تجاربهم المتعددة , لكن هناك هٌم مشترك يجمعهم هو قلقهم على مصير الشعب الكردي , هو ليس حزبا سياسيا بل هوسعى لأن يكون مرجعية سياسية للكرد جميعاً .
إذا أردنا أن تكون لنا مظلة تضم كافة القوى ومن مختلف الاجزاء والتوجهات بحيث تكون ذات فائدة و صوتا مسموعا في المحافل الدولية و مرجعية حقيقية للشعب الكردي علينا ان ننظر الى تجارب الآخرين , فلنتأمل المؤتمر الوطني الأفريقي الذي أنشأه الراحل نيسلون مانديلا و قاد حركة التحررفي جنوب افريقيا ضد نظام الفصل العنصري وصولا الى السلطة , ولنأخذ مثالا آخر المؤتمر الوطني الهندي وهو حزب غاندي و نهروا و أنديرا وعموم الهند إستطاع أن يقود مقاومة ضد بريطانية العظمى وان ينتصر و يصل الى سدة الحكم .
أما نحن فمن نكون ؟ , نحن إما عبارة عن مؤتمرعلى شكل ندوة فكرية أو نواة لتجمع فكري ثقافي سياسي تجتمع كل سنتين مرة وقراراتها غير ملزمة لأحد ؟ أو ربما نسعى لأن نكون أداة ضغط أو لوبي كردي لدعم قضايا الشعب الكردي ؟ .
يجب علينا أن نقرر من نحن ؟ نحن مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحديد هوية المؤتمر الوطني الكردستاني , نحتاج الى القليل من الواقعية و الكثير من الحصانة الأخلاقية و السياسية , حتى يكون لنا مصداقية . علينا الإسراع في إنجازه وإستكمال حلقة الوحدة الكردية وعقد المؤتمر الوطني الشامل وبمشاركة كافة الأطراف ودون إقصاء أحد للوصول الى مظلة سياسية ومرجعية لشعبنا الكردي في كل مكان وأعتقد بأن الفرصة الآن مؤاتية أكثر من أي وقت مضى خاصة مع تقدم الحوارالكردي الكردي في روجافاي كردستان .
دجوار أحمد آغا قامشلو تموز 2020