سويسرا: حوار – دلشا آدم
من عرائش الياسمين إلى حقول التوليب ومن سهول حوران المغناة بحناجر عشاقها إلى ضجيج المواقيت ورغم ذلك حملت على راحتيها تلك الأغاني كوليد تناسل للتو ولفحته بالبياض ليحط بها الرحال في بلد قلما يتسع لشساعة حنينها .
ماجدولين الرفاعي
أديبة وصحفية سورية تملك من الارداة ماجعلها تخوض ناصية الابداع من أوسع بوابته حاملة في صرّتها ذاكرة وطن وأريج ياسمينه الممزوج تارة بالألم وتارة أخرى بالحنين .
أم وكاتبة وروائية وصحفية ورئيسة المؤسسة الأوربية العربية للسلام ومديرة ” دار تاله ” للنشر .
صدر لها ست مجاميع قصصية أحداها مجموعة مصورة للأطفال ومؤخرا رواية ( كان أسمها سوريا ) .
وهنا كان لنا الحوار التالي مع الكاتبة السورية ماجدولين الرفاعي حول مسيرتها الأدبية والأعلامية وأهم نشاطاتها الثقافية ومامدى أثر التغريبة الأوربية عليها سيما وهي من الناجيات والناجين من جحيم الحرب الدائرة في سوريا .
1- بداية حبذا لو حدثتنا ماجدولين الرفاعي عن نشأتها وبداياتها الأدبية ؟
ابتسمت قائلة:
عادة عندما يطرح هذا السؤال على الكتاب يتبادر لذهن القارئ أن الرد سيكون على الشكل التالي:
أكتب منذ نعومة أظفاري، أو ولدت وعلى فمي قصيدة!
ولكن بالنسبة لي لم يكن يخطر في بالي يوما أنني سأصبح كاتبة أو صحفية صحيح أنني قارئة نهمة ولكني لم أفكر بالكتابة حتى مرحلة متأخرة نسبيا، إذ سيرتني الحياة وقواعدها بطريقة أخرى فقد تزوجت وأنجبت في سن صغيرة، وراحت حياتي تتشكل على هذا النحو إلا أن شعوري بالنقص دون شهادة جامعية جعلني أقرر تغيير نمط حياتي فاتجهت إلى الدراسة، وتطوير الذات وتنمية الثقافة والمهارات الثقافة ثم توجهت إلى العمل الإلكتروني بعد الخضوع لدورة تدريبية في لندن لتعلم التحرير الصحفي الإلكتروني وبعدها عملت بموقع ميدل ايست أونلاين ثم أسست موقع عشتار ومجلة ثقافة بلاحدود قبل التوجه للكتابة ثم العمل في الصحف الورقية.وهكذا تغييرت حياتي جملة وتفصيلا.
إن فرحي بولادة أول مجموعة قصصية ( قبلات على الجانب الآخر)عام 2006 لايعادله فرح فقد كان قلبي يرقص فرحا بين جمهور الأصدقاء الذين حضروا حفل التوقيع في نادي الصحفيين بدمشق.
- وسألتها:
2- ماهي المواضيع التي تعالجها ماجدولين الرفاعي في كتاباتها وما هي الأنماط والألوان الكتابية التي تتناولها ؟
في الصحافة أتناول المواضيع الثقافية والاجتماعية وأبتعد وبشدة عن المواضيع السياسية وطروحاتها، أكتب التحقيقات والمقالات والأعمدة، وأما في الأدب فقد كتبت القصة والقصة القصيرة جدا والرواية والسرد الأدبي بالإضافة لقصة الطفل.
- قلت لها:
3 – أهم نتاجات ماجدولين الأدبية ؟
_ أجابت بصراحتها المعهودة:
هذا السؤال محير جدا يشبه إلى حد بعيد سؤال الأم عن أحب أولادها إلى قلبها، فجميع نتاجاتي مهمة أو هكذا أراها فقد أصدرت ست مجاميع قصصية أحداها مجموعة مصورة للأطفال، كما أصدرت روايتي وكان اسمها سوريا، بالإضافة إلى المجاميع المشتركة التي أصدرتها في هولندا ،عزف على وتر الغياب، وتراتيل لقلب البلاد.ولكنني أعول كثيرا على النسخة الإنكليزية من روايتي وكان اسمها سوريا والتي ستصدر قريبا لأنها ستصل إلى يدي القارئ الأوروبي والذي يهمني جدا أن يطّلع على أفكارنا وأبداعاتنا وأسلوب الحياة الذي توثقه الرواية.
_ فقلت لها مقاطعة:
4 – حدثينا عن اخر اعمالك الادبية رواية ( وكان اسمها سورية ) كيف كان وقعها على الشارع السوري والأوربي؟
- قالت موضحة
في الحقيقة أشعر بأن هذه الرواية لم تأخذ حقها من النقد والإشهار في الشارع العربي ربما لأنني أصدرتها مع بداية وصولي لأوروبا وكانت الظروف صعبة قليلا، ولذلك أسعى لترجمتها بعد الإنكليزية إلى عدة لغات لاطلاع القارئ الأوربي على ماحصل ويحصل في سوريا إذ تتناول الرواية الحرب في سوريا والمعتقلات ومايحدث بها، فبطلة الرواية معتقلة تعرضت للتعذيب والإغتصاب.
- وتابعت حواري معها مستفسرة عن استقالتها المفاجئة من مهنة المتاعب …
5- شغلتي منصب رئيسة تحرير تنفيذية لمجلة الصوت، ومسؤولة الصفحات الإجتماعية في كل العرب مؤخرا أعلنتي انسحابك فما هي الأسباب التي دعتك للاستقالة من تلك المطبوعات؟
- اجابت حول مراحل العمل في مهنة المتاعب والصعاب التي تقف عائقا أمام استمرار الصدور
للصحافة المقروءة قائلة:
العمل الصحفي ممتع جدا رغم التعب والمشاق التي تعترضه وخاصة في الصحافة الخاصة ومراحل التأسيس الأولى والمعاناة بسبب عدم وجود تمويل كبير يغطي المصاريف وعدم وجود إعلانات أيضا، ولكن عندما يكبر العمل ويتطور تشعر بالسعادة والنصر وكأنك تربي طفلك الصغير تدربه على الحبو ثم المشي وهذا كان شعوري أثناء عملي في مجلة الصوت أولا ثم مجلة كل العرب لاحقا ولكن المأساة أنك تكتشف فيما بعد أنك مجرد جندي لصالح أصحاب المطبوعة وأن عليك العمل بشكل مجاني إذ يكفيك فخرا أنك تعمل معهم، باختصار شديد يأكلون حقك.
فقلت لها مقاطعة:
6- لماجدولين الرفاعي نشاطات عدة بداية برئاسة المؤسسة العربية الأوربية للسلام ودار تاله للنشر ،حدثينا باختصار عن مهامك ودورك كناشطة في عدة مجالات في آن واحد ؟
أجابت:
عندما وصلت إلى هولندا شعرت أنني انتهيت إذ خسرت دفعة واحدة كل مابنيته في سوريا وأنا هنا لا أتحدث عن الأملاك والممتلكات الشخصية ولكني أتحدث عن تاريخي ونجاحاتي إذ كنت نشيطة جدا في المشاركات الأدبية في كافة المحافظات السورية، وكان آخر أنشطتي في مهرجان المحبة في اللاذقية، إضافة لمشاركاتي خارج سوريا في الأردن ولبنان، كنا في دار تالة نقيم حفلات التوقيع والأمسيات الأدبية بالتعاون مع جريدة الصوت لكل من يصدر كتابه عن الدا، أشياء كثيرة خسرتها في الحرب واللجوء لذلك كان علي العمل لاستعادة ماخسرته ولكن هذه المرة في أوروبا، فبدأت بالأنشطة الثقافية والمشاركات الأدبية في كل من بلجيكا وألمانيا وفرنسا،ثم أسست منظمتي المؤسسة العربية الأوروبية للسلام وبدأت باقامة أنشطة ثقافيات ومهرجانات فنية ذاع صيتها إذ استطعنا جعل المنظمة بمثابة مركز ثقافي استقطب الشعراء والأدباء والفنانين العرب على امتداد توزعهم في أوروبا، وفسح المجال لهم لتقديم نتاجاتهم أمام الجمهور الهولندي المتعطش لمعرفة ثقافتنا فنيا وأدبيا.
7 – هل أثرت الهجرة والغربة على كتابات ماجدولين الرفاعي ؟
بالتأكيد أثرت الغربة والشتات على كتاباتي وصبغتها بلون الضياع ونكهة صباحات خالية من زيتون الوطن وزعتره، خالية من أنفاس الأهل والأقارب، فكيف أكتب عن سهول بلادي وقمحها يحترق، وكيف أكتب عن بحرها وقد جففه الغياب، وكيف أكتب عن بيتي وقد دمرته الأحقاد؟
لذلك كله كان عنوان روايتي التي صدرت بعد اللجوء (وكان اسمها سوريا).
8 – ماهي طموحاتك ومشاريعك المستقبلية ؟
– طموحاتي كبيرة جدا وأهمها تأسيس دار نشر ومطبعة تستقطب أقلام الكتاب العرب على امتداد شتاتهم تقدم لهم مادة جيدة بأسعار ميسرة كي يتخلصوا من تحكم دور النشر الجشعة.
أما مشاريعي المستقبلية فهي طباعة بعض أعمالي الجاهزة للطباعة” مرايا امرأة من برج الحب” ” من يوميات الحرب” “وكان اسمها سوريا” بالانكليزية.
ومحاولة الحصول على تمويل لمنظمتي لإقامة المهرجانات الثقافية الضخمة على غرار مهرجان الربيع الثقافي الذي أقمناه عام ،2019 وكان من المفترض أن يقام في بداية شهر نيسان/ابريل ولكن تم تأجيله هذا العام بسبب أزمة كورونا.
9 – كيف توفق ماجدولين الرفاعي بين دورها كأم ودورها كناشطة ثقافية وكاتبة؟
لحسن الحظ ياعزيزتي أنني أنجزت مهامي كاملة كأم، وكم أفتخر بهذا الإنجاز، أولادي شقوا طريقهم في الحياة كل في موقعه والحمد لله أنني استطعت تربيتهم وتعليمهم أفضل تربية وتعليم، وأنا الآن متفرغة تماما للأنشطة الثقافية والسياحية أيضا.
10 – برأيك هل هناك علاقة مباشرة مابين الجائزة والأبداع ؟
طبعا العلاقة وطيدة جدا بين الجائزة والإبداع عندما تأخذ النزاهة دورها الحقيقي وتقيم الإبداع بعيدا عن الشللية والمحسوبية والواسطة، وطبعا أنا هنا لا أتهم أية جائزة ولكني أقول رأيي الصريح في الجوائز الأدبية التي نادرا ما يحصل عليها المبدع الحقيقي الذي اشتغل على مادته بشكل جيد
11 – كلمة اخيرة توجهها الأديبة ماجدولين الرفاعي للمرأة؟
عزيزتي المرأة تبني الأسرة بشكل صحيح أكثر أهمية من بناء برج ضخم فالأسرة عماد المجتمع ومنها يتخرج بناته بكافة اختصاصاتهم ولهذا لا تهملي أسرتك مهما كانت المغريات ضخمة ومهمة، مادمت قد قبلت دورك كأم عليك أن تنجزيه على أكمل وجه، وهذا الإهتمام بالأسرة لايعني أن تتخلي عن أحلامك وطموحاتك وتطوير ذاتك على ألا تكون على حساب أطفالك.
حوار الصحفية دلشا أدم