المرأة في الشريعة البابلية

سوريا ليلان جمال
تعد الشريعة البابلية وخاصة شريعة حمورابي من أقدم الشرائع الموجودة في تاريخ الأرض من حيث حكمة القانون الذي ورد فيه.

ومن هنا وجب الوقوف إزاء هذه السلوكيات التي حكمت بعدها بعض المجتمعات ,وبما أن عنواننا حول المرأة فإننا سوف نركز على الحياة العائلية في المجتمع البابلي, فالمرأة البابلية كانت تتمتع بكامل حقوقها الشخصية لأنها كانت تدير أموالها المنقولة وغير المنقولة بيدها فهذا الوضع المستقل عن الزوج جعل الزواج إحاديا أي ألغى الزوجات إلا في حالات استثنائية أما الزواج نفسه فكان يتم عن طريق الآباء عند الزواج. كان الأب يختار الزوجة ويقوم بدفع المهر والخسارة دفع أجور يد عاملة من البيت والمهر مبلغ مرتفع في العادة, والزواج في العادة البابلية يكون باطلا بدون عقد, وفي حالة دخولها بيت الزوجية على الوالد أن يدفع لها مهرا تتمتع به طوال حياته وليس لزوجها حق التصرف به وهذا المهر المقدم من والدها يعتبر حصتها من الإرث ويساوي نصيب كل فرد من أفراد العائلة ذكورا كانوا أم إناث. لقد عد المهر المقدم من الخطيب إلى والد الفتاة معاديا لثمن الفتاة, ولهذا نظمت قوانين العلاقات المالية للزوجين حتى في أثناء الخطوبة فإذا تراجع الخطيب عن خطيبته بسبب فتاة أخرى يفقد حصته في استرجاع المهر أما إذا رفض الأب تزويج ابنته بعد توقيع العقد فعلى الأب أن يدفع للخطيب ضعف المهر الذي قدمه من أجل الزواج. أما بشأن تعدد الزوجات وفي حالة عدم قدرة الزوجة على إنجاب الأولاد فعلى الزوجة أن تقدم عبدة لزوجها تعاشره حتى تنجب منه وفي حالة عدم قدرة العبدة على الإنجاب فيحق للزوج أن يتزوج ثانية وفي كل هذه الحالات تبقى الزوجة الأولى سيدة البيت, أما في حالة مناقشة العبدة للزوجة الأولى بسبب إنجاب الأولاد فإمكان الزوجة الأولى أن تعيدها إلى العبودية وهناك نص بابلي ينص بأن الزوجة الثانية تغسل أقدام الزوجة الأولى. اما في الحالة المتعلقة بزواج الرجل مرة أخرى: ففي حالة إصابة الزوجة بمرض عضال فيحق للرجل أن يتزوج من امرأة ثانية وفي هذه الحالة لا يحق للرجل طلاق امرأته الأولى إذ عليه الاعتناء بها طوال حياتها, أما إذا رفضت الزوجة البقاء في البيت فعلى الرجل إعطائها المهر الكامل الذي أتت به من بيت والدها, وفي الحالة يمكنها هجره. والحالة الأخرى عندما تكون الزوجة سيئة ولا تقوم بمهامها في البيت فيحق للرجل الزواج ثانية وتعامل المرأة على أساس عبدة. أما فيما يخص الطلاق فقد حددت شريعة حمورابي القوانين لصالح الرجل بشكل عام وذلك لأن المرأة اعتبرت ملكية شخصية للرجل ولكن هذا لا يعني أن هنالك قوانين تحفظ للمرأة حقها من تعسف الرجل, وفي حالة هجر الزوج للبيت ومغادرته المدينة من دون أن يترك ما يمكنها للعيش, يحق للزوجة مغادرة البيت والزواج من آخره.

وفي حال عودة زوجها الأول فأنها ستكون مجبرة على العودة إلى بيته أما أطفالها فيتبع كل منهم كل منهم والده ,أما إذا غادر الزوج بسبب الوظيفة العسكرية أو خدمة القصر أو بسبب الديون وارتكاب القتل فيحق للزوجة في هذه الحالة الزواج من زوج آخر ,وفي حالة عودة زوجها الأول تكون مجبرة على العودة إليه أما إذا ذهب الرجل وترك ما يكفي لزوجته من مصاريف فعلى الزوجة البقاء في البيت وفي حالة ذهابها مع آخر فإن عقوبتها تكون برميها في الماء أي تحكم بالموت غرقاً أما إذا أراد الرجل طلاق زوجته الأولى بعد زواجه بالثانية بسبب عدم الإنجاب فيجب عليه أن يعطيها المهر الذي أتت به من بيت والدها مضافاً إليه مبلغ يساوي هذا المهر .

لقد حددت شريعة حمورابي إلغاء الديون معتبرة أن المرأة غير مسؤولة عن ديون زوجها أما إذا كانت هذه الديون قد تمت من قبل الزوج , أما إذا كانت الديون قد ترتبت عليها فإن الزوج والزوجة مسؤولان عنها وعلى المرأة أن تدير ثروة زوجها في حالة غيابه حتى عودته , ويحق للمرأة أن ترث زوجها بشرط أن يكتب الزوج وثيقة موقعة يقربها إعطاء كل ما يملك إلى زوجته , وإذا منح الزوج مالاً بعد ذلك فأن جميع أفراد العائلة يتقاسمون الثروة بعد غيابه بمن فيهم الزوجة وتكون الحصص متساوية للجميع , وإذا مات الرجل ولديه أطفال من زوجته الأولى وأطفال من العبدة فإذا اعترف الأب بأولاد العبدة فيحق الميراث , وإذا لم يعترف الأب بأولاد العبدة فأنها يحرمون من الميراث ولكن يتم تحريرهم من العبودية وأولاد الزوجة الأولى لا يحق لهم بيعهم كعبيد مع أمهم .

لقد كانت شريعة حمورابي صارمة فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية , ففي حالة خيانة المرأة تربط مع خليلها … أي عشيقها وترمى في الماء إلا إذا عفى الرجل عن زوجته فالملك يعفي عن الزواني . وإذا اعتدى رجل على ابنته يطرد من المدينة , وإذا اعتدى أب على خطيبة ابنه أي قبل الزواج فيدفع مبلغ من الفضة وتعود إلى بيت ابيه لتتزوج من آخر , إذا اعتدى الأب على زوج ابنه فيموت غرقاً عقاباً له , وإذا اعتدى ولد على والدته فأنه يحرق .

ليلان جمال

مشاركة

مشاركة

تعليقات