علن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وأحد الأعمدة الاقتصادية لنظام بشار الأسد منذ عقود فضلا عن كونه ابن خاله، بصفحته على “الفيسبوك” يوم الثلاثاء الماضي أنّ السلطات السورية التي تطالبه بدفع مستحقّات مترتّبة على إحدى شركاته، ألقت الحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده وأمرت بمنعه من التعاقد مع أي جهة حكومية لمدة خمس سنوات.
ويخوض مخلوف رئيس “سيريتل”، أكبر شركة اتّصالات في سوريا، صراعاً مع السلطات التي تطالبه بدفع 185 مليون دولار مستحقّة للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على شركته، والتي وصفها بغير المبررة والظالمة.
ومخلوف الذي وصف نفسه في أحد الأشرطة التي نشرها بصفحته على فيسبوك، الداعم الأول للنظام والهيئات الحكومية السورية، يتعرض لضغوطات كثيرة، ما أدى إلى تضارب الآراء حول سبب تحول العلاقة بينه وبين النظام السوري.
من هو رامي مخلوف؟
يقول تقرير لـ “بي بي سي ” أن رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد والذي كان يسيطر على 60 % من الاقتصاد السوري قبل 2011، اتهمته المعارضة السورية بتمويل المسيرات المؤيدة للرئيس السوري عام 2011، وهذا ما أكده مخلوف في رسالته الأخيرة على الفيسبوك الموجهة للرئيس بشار الأسد إذ قال ” في أول الحرب عندما وجدت نفسي عبئا عليك، تنازلت عن كل أعمالي لصالح الأعمال الإنسانية”.
مخلوف الذي يعتبر أقوى شخصية اقتصادية في سوريا، جاء في تقرير وزارة الخزانة الأمريكية لعام 2010، أنه يستخدم مسؤولي المخابرات لترويع خصومه من رجال الأعمال الآخرين داخل سوريا، معتمدا على عدة وقائع، من بينها رفع الحصانة عن النائب رياض سيف وسجنه لمدة سبع سنوات لمجرد أنه تجرأ وسأل عن مخالفات شركته “سيرياتيل”.
ويمتلك مخلوف إمبراطورية أعمال ضخمة تشمل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط، وكان يُعتبر وعلى نطاق واسع جزءا من الدائرة المقربة للأسد، واعتبرته وزارة الخزانة الأمريكية في تقريرها واجهة لثروة عائلة الأسد.
ويخضع الملياردير لعقوبات أمريكية منذ عام 2008 على خلفية ما تصفه واشنطن بالفساد العام، وتشدد الولايات المتحدة منذ ذلك الحين الإجراءات ضد كبار رجال الأعمال المقربين منه، كما يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مخلوف منذ بدء الصراع السوري في 2011، متهما إياه بتمويل بشار الأسد.
بداية الأزمة مع النظام
بعد أن هدّدت “الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد” باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لإرغام “سيريتل” على تسديد المبالغ المترتبة عليها للاحتفاظ برخصتها التشغيلية، قال الملياردير في منشور على صفحته في موقع “فيسبوك ، إنّ الهيئة “ألقت الحجز على أموالي وأموال زوجتي وأولادي مع العلم أن المشكل مع الشركة وليس معي شخصياً”.
وأضاف ” إنّه تلقّى أيضاً إخطاراً من الحكومة قضى بحرمانه “من التعاقد مع الجهات العامة لمدة خمس سنوات”، وجدّد مخلوف في منشوره اتّهام السلطات بالسعي لإقصائه من إدارة (سيريتل) “بالطلب إلى المحكمة لتعيين حارس قضائي يدير الشركة”.
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، فقد اعتقلت السلطات منذ أبريل نحو 40 موظفا في “سيريتل” و19 موظفا في “البستان”.
ويخوض مخلوف صراعا مع الحكومة منذ أن وضعت في صيف 2019 يدها على “جمعية البستان” التي يرأسها والتي شكلت “الواجهة الإنسانية” لأعماله خلال سنوات النزاع، كما حلّت المجموعات المسلحة المرتبطة بها.
هذا وقد أصدرت الحكومة في ديسمبر سلسلة قرارات بالحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال، بينهم مخلوف وزوجته وشركاته، واتُّهم هؤلاء بالتهرّب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011.
صراع عائلي أم مؤامرة
أكد الملياردير السوري في الشريط المصور المنشور على صفحته بالفيسبوك” أن الشروط المفروضة على شركته تتم لخدمة أشخاص معينين (لم يسمهم) وأن تلك الشروط تتم بأسلوب التهديد والترهيب.
غير أن الشائعات حول توتر العلاقات بين مخلوف الذي يعتبر أحد أعمدة النظام السوري، منذ وصول الأسد إلى السلطة في عام 2000، خلفا لوالده الراحل حافظ الأسد، وبين بشار الأسد تنتشر في الأشهر الأخيرة على خلفية حملة يخوضها الرئيس السوري لمكافحة الكسب غير المشروع ودعم المال العام.
في رواية أخرى للأحدث نقلت الجزيرة.نت عن موقع “ميدل إيست آي” الإلكتروني البريطاني” إن رامي مخلوف لا يزال مقيما في سوريا رغم انتقاده العلني للرئيس بشار الأسد، الأمر الذي أثار تساؤلات عن سبب الانتقادات، وأضافت أن مصدر “ميدل إيست آي” يعتقد أن مخلوف قد يكون جزءا من مؤامرة تم فيها استخدامه إما من قبل أحد حلفاء دمشق لزيادة الضغط المسلط على الحكومة لقبول تسوية سياسية لإنهاء الحرب في البلاد، أو من قبل دمشق للتصدي لهذا الضغط.
وقلل المصدر من أهمية التلميحات التي تشير إلى أن الخلاف بين الأسد ومخلوف يكشف عن انقسامات أعمق داخل العائلة الحاكمة في سوريا، وقال إن “الحكومة السورية لا تسمح لك بأن تكون أقوى منها، ومخلوف لا يملك غير المال، وهناك أناس آخرون مثله يملكون ثروات في سوريا”، مضيفا أن مخلوف لا يشغل منصبا في الجيش ولا يحظى بشعبية لدى الناس، بينما يعد الجيش والاستخبارات من أهم وأقوى المؤسسات في سوريا.