بقلم:دجوار أحمد أغا/ لماذا لانستفيد من تجاربنا ؟ في ترتيب البيت والصف الكردي

لماذا لا نستفيد من تجاربنا في ترتيب البيت والصف الكردي ….؟…
إذا كان هناك شبه إجماع من كافة الأحزاب والقوى السياسية و المجتمعية و العسكرية على الأهداف العليا “ترتيب البيت الكردي ” التي يسعى الكرد (على إختلاف مشاربهم الأيديولوجية وإنتمائاتهم الإقليمية ) إلى تحقيقها , وإذا كان هناك إتفاق شبه تام على عدد معين من العراقيل والمعوقات التي تمنع الوصول الى تحقيق هذه الأهداف . فلماذا إذا لم يستطع الكرد خلال أكثر من 100 عاما من الكفاح السياسي والإجتماعي والعسكري من التغلب على هذه المعوقات ؟ وأين يكمن الخلل ؟ لماذا لم تتراكم تجاربنا طبقة فوق طبقة ومرحلة بعد أخرى وصولا الى بناء حضاري ورؤية مشتركة تستمد قوتها من تجاربنا والمأسي الي مر بها شعبنا ؟ لماذا فقدت هذه المطالب والأهداف العليا تاريخيتها وأصبحت بالنسبة الى مثقفينا و ساستنا مجرد إعادة ترتيب للخلافات و النقائض ؟, كلما فشلت صيغة يتم إستبدالها بصيغة أخرى و كأننا حقل تجارب ؟ لماذا يتحدث مثقفونا و مفكرونا عبر بعضهم البعض وليس الى بعضهم البعض ؟ .
كل الثورات و الإنتفاضات التي قام بها شعبنا الكردي باءت بالفشل و إنتهت بهزيمتنا وأدت الى قتل وتشريد وتهجيرعشرات و مئات الالاف من أبناء شعبنا إلى جانب هدم وتدمير مئات القرى والبلدات والمزارع . هذه هي الحقيقة بعينها لماذا نختبىء منها و ننكرها ؟ لمذا لم نستفد من تلك التجارب ولم نتعظ ؟ لماذا لازلنا نراهن على الأعداء الذين قتلوا وعذبوا أباؤنا و أجدادنا ؟ لماذا لا نريد أن نفهم ما جرى و نستفيد ونأخذ الدروس و العبر منها ؟ حتى الأمثلة الشعبية تذكر ذلك
( Rîh di be bost Dijmin nabe Dost ( أي اللحية تصبح شبر ولكن العدو لا يصبح صديق .
أعتقد بأنه هناك أكثر من سبب رئيسي لهذا الخلل . فلأمر لا ينحصر في الفشل العسكري ولا العجز الحضاري ولا التمزق السياسي ( إنشقاقات و إنقسامات الأحزاب السياسية ) أو أنظمة الحكم التسلطية إنما الأمر أعمق من ذلك . علينا البحث عن أسباب الخلل في الأزمة البنيوية التي تعصف بمجتمعنا .
هناك حقيقة واضحة و جلية للعيان , ألا وهي أن الشرق الأوسط عموما والكرد على وجه الخصوص , يمثل نظاما سياسيا و حضاريا مخترقا إختراقا كاملا من جانب الدول الإمبريالية التي تهيمن على العالم بحيث حولت القوى الوطنية في هذه المنطقة الى شرزمات تتلاعب بها كيفما شاءت مانعة إندماجها في كيان سياسي متناسق مستقل قابل للحياة بعيداعن هيمنتها , وذلك من خلال إستمرارية ربط الدول الإمبريالية المتنافسة على منطقتنا لهذه القوى بنفسها و إستخدامها لتحقيق مآربها و مصالحها في نهب خيرات المنطقة و الإستيلاء عليها .
إن مجتمعات الشرق الأوسط عموما والمجتمع الكردي بمعظمه على وجه الخصوص, تعيش حالة من التبعية الشبه مطلقة للإمبريالية و تربطها علاقات غير متكافئة مع مراكز القرار , و بالتالي فإن أي توجه نجو تحقيق الأهداف العليا ليس فقط للكرد و إنما لمجمل شعوب الشرق الأوسط , من شأنه أن يهدد المصالح الإستراتيجية و السياسية و الإقتصادية للدول الإمبريالية , مما يؤدي بها الى مقاومة هذا التوجه في السر و العلن على حد سواء . ( مسألة الإستفتاء في إقليم كردستان – العراق نموذجا ) .
كيف يمكننا أن نفسر حدوث كل هذه الهزائم و الإنكسارات المتكررة في تاريخ شعبنا الكردي ؟ ولماذا لم تنتصر ثورة واحدة على الأقل في الحفاظ على حقوق هذا الشعب في الحياة بحرية وكرامة على أرضه ؟ هذه الثورات و الإنتفاضات التي إنتهت في نهاية المطاف بالعمل على حدة في كل جزء من أجزاء الوطن الأم المقسم إلى أربعة أجزاء وأصبح لكل جزء خصوصية ترتبط به و بنظام الحكم المسلط و المسيطرعليه . هنا نسأل : لماذا تأخر الكرد و تقدمت الأمم الأخرى كالعرب و الفرس و الترك ؟ معظم الإجابات ستكون كالتالي : لأننا غير مستقلين , محتلين , غيرمتحدين , متخلفين , الخيانات , …..الخ .
حسنا , فالسبب الرئيسي و الأساسي إذا هو نحن , لماذا نحن لسنا مستقلين ؟ لأننا لم نتحد , ولماذا لا نتحد ؟ لأننا متخلفين ننتظر من أحد ما أن يضع يدنا بيد أخوتنا كما جرى في الأقليم عام 1998 حينما وضعت السيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية آنذالك يد السيدين المرحوم مام جلال الطالباني و الكاك مسعود البارزاني بيد بعضهم البعض ووضعت يدها فوقهم كضامن .
هناك الآن مبادرة من قائد عسكري كردي يحظى بإحترام و تقدير الشعب الكردي في سائر أجزاء الوطن و شعوب المنطقة عموما و كذلك الكثير من رؤساء دول العالم الكبرى أصحاب النفوذ و السلطة و القوة , وهي مبادرة الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية , لماذا لا نلتف جميعا حولها و نستند اليها في الوصول الى أهداف شعبنا العليا ألا وهي وحدة الصف والموقف الكردي في المحافل الإقليمية والدولية ؟ .
اللعبة الدولة في المنطقة تتعامل بإسلوب خبيث فهي تتبع سياسة فرض الآمر الواقع بضربة سريعة وبالمقابل ترفض أي صيغة للتفاوض بغض النظرعن التغيير في موازين القوى ( عمليات الإحتلال التركي و مرتزقته في الشمال السوري نموذجا ) وإذا إضطرت الى إجراء مفاوضات – لذرالرماد في العيون – فهي تجريها عن طريق وسيط أو طرف ثالث ولا تسمح إطلاقا بإجراء مفاوضات مباشرة وذلك لكسب المزيد من الوقت من جهة وإضعاف جميع الأطراف المتحاربة و المتخاصمة من خلال تقديم التنازلات و المساومات من جهة أخرى , ريثما تجهز الترتيبات النهائية التي تلائم و تناسب مصالحها في المنطقة . كما أنها تركز على الوصول إلى النتيجة الصفرية في نهاية المفاوضات بحيث لا يكون هناك غالب ولا مغلوب .
بالمحصلة نصل الى نتيجة مفادها إن التبعية لأي جهة كانت سواء إقليمية أو دولية لاتسمح بتوليد مبادرات داخلية للحل السياسي للأزمات التي نعيشها , فالقرار السياسي المرهون بجهة أو طرف ما و ليس مستقلا وهو مخترق بالأساس ,لا يمكن إتخاذ أي مبادرة أو قرار إستراتيجي لحل هذه المشكلات دون إستقلالية هذه القوى الوطنية من التبعية وللوصول الى التخلص من علاقات التبعية هذه لا بد من التركيز بالدرجة الأولى على العوامل الداخلية و التي للأسف يتم إهمالها و تجاهلها دوما لصالح العوامل الخارجية . وهنا نتسأل لماذا سمحت القوى الإجتماعية و السياسية الكردية للقوى الإمبريالية و الإقليمية بأن تخترقها و تجعل منها تابعة لها ومسَيرة وفق مشيئتها ؟ ألم يكن بمقدور المثقفين و المتنورين و السياسين الكرد بأن ينظموا مجتمعهم و يحموه من الإختراق ؟ أم أنهم كانوا هم بالأساس مخترقين !
أليس من الأجدر بهم الإلتفات الى شعبهم و دعمه و ومساندته وإعادة تلاحمه و توحيد صفوفه ليكون المرجعية والأساس الذي يستندون اليه , أم أنه أصبح ساحة للصراع و كسب الربح ؟ من لديه شعبية أكثر ومن يمتلك أعضاء أكثر ..!.
أستطيع القول جازما وهذا رأي الشخصي بأن الأكثرية الشعبية لم تعد تهتم بالسياسة ولا بالإستقلال والحرية خاصة في ظل هذه الظروف الإقتصادية القاسية و التي وصلت الى شفى مرحلة المجاعة , فالقسم الأكبر من الشعب يبحث في كيفية تأمين قوته اليومي و لقمة عيش أبنائه .
دجوارأحمد آغا قامشلو 30/ آيار / 2020