تقرير:نوس سوسيال/ سوريا تحت الانتداب الروسي…ويفيموف بريمر جديد

سوريا :  نوس سوسيال

طرح تعيين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، السفير الروسي في دمشق، ألكسندر يفيموف، ممثلاً رئاسياً له ليلعب دوراً مباشراً في التدخل المباشر في صلب الملف السوري والترتيبات الأمنية والقيادات العسكرية والاقتصاد وغيرهم ليكون مسؤولاً أمام بوتين في تنفيذ هذا الملف تحت مسمى «تطوير العلاقات مع سوريا» أسئلة جدية وملحة عديدة.
وكان أصدر بوتين، حسب وكالة أنباء روسية، مرسوماً بتعيين يفيموف، السفير الروسي فوق العادة والمفوض لدى سوريا، «ممثلاً خاصاً للرئيس الروسي لتطوير العلاقات مع الجمهورية العربية السورية».

حجر عثرة

ووفقاً للمرسوم الذي نشر بشكل علني، على الموقع الرسمي للمعلومات القانونية، فإنه قد دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الاثنين ويتولى يفيموف منصب السفير الروسي لدى سوريا منذ 2018، وسبق أن شغل قبل ذلك مهام سفير روسيا فوق العادة والمفوض في الإمارات. ويثير هذا التكليف الذي يشير إلى الأولوية التي يشغلها الملف السوري لدى روسيا وتسريع التفاعل معه، جملة من الأسئلة، وعلى رأسها ماذا يعني تعيين السفير الروسي لدى سوريا ألكسندر يفيموف مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي في سوريا، وهل سيصبح السفير الروسي هو المندوب السامي والحاكم الفعلي الذي سيحكم سوريا وتمر عبره كل القرارات؟ مثل بول بريمر في العراق؟

ساءل معارضون وخبراء عما إذا كانت هذه الخطوة الأولى على درب رحيل الأسد والتمهيد لتسليم سوريا لمجلس أو لجنة أو حكومة تستطيع إدارة البلاد؟ وهل يمكن اعتباره حجر عثرة في وجه إيران، وهي حتماً بتفاهم وتنسيق وتعاون مع واشنطن وإسرائيل؟ أم هل هي خطوة في مواجهة ما تتحضر له تركيا في الشمال الغربي من سوريا؟
المعارض السوري د. محمد حاج بكري، اعتبر تعيين سفير جديد لروسيا في سوريا، نقلة نوعية وهامة للملف السوري، ويعبر عن مدى أهمية هذا الملف لروسيا، منوهاً إلى أنه أصبح الآن بعهدة الكرملين بعد أن تدرج ما بين الخارجية والدفاع. هذه النقلة تحمل في طياتها حسب المتحدث لـ»القدس العربي»، الكثير من إحكام السيطرة على مقدرات سوريا وخاصة الاقتصادية في ظل التسابق المحموم ما بين روسيا وإيران. ويشير التعيين بالمجمل إلى ضعف نظام الأسد وفقدانه السيطرة على البلد وخاصه في ظل فقدانه الفعالية والكفاءة للقيادة وتصدع البنية الصلبة للحكم وبضمنها خلاف الأسد ورامي مخلوف ومشروعيته في الحكم ومقدرة سلطته على فرض نفوذها بالإضافة إلى المعطيات الجديدة كفتح الطرق الدولية المتفق عليها ما بين تركيا وروسيا واستحقاق قانون قيصر والتداعيات التي سيخلفها.
فتعيين السفير الروسي في دمشق مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي لتطوير العلاقات مع سوريا هو منصب جديد وغير مألوف، اعتبره الخبير في الشؤون الروسية محمود حمزة «منصباً غريباً» سيكون له دور كبير جداً من خلال علاقاته المباشرة بالسلطة السورية أي الرئاسة والحكومة وضباط الأمن فضلاً عن التواصل المباشر مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس النظام السوري بشار الأسد، وهذا يعني أنه سيكون مستلماً الملف السوري بالمرحلة القادمة.
وقال «حمزة» لـ»القدس العربي»، ان الرئيس الروسي لديه ممثل سياسي وعسكري وهو تابع لوزارة الدفاع بالأساس، وهو ألكسندر لافرنتييف، إضافة إلى وجود نائب وزير الخارجية هو مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط ودول افريقيا، ميخائيل بوغدانوف، والآن ممثل روسي خاص في سوريا وخاص بتطوير العلاقات.
وعبّر الخبير في الشؤون الروسية، عن اعتقاده ان وزارة الخارجية الروسية، كانت تقود منذ بداية الثورة نشاط على الجبهة الدبلوماسية من خلال بوغدانوف المسؤول عن الشرق الاوسط، ثم انتقل الملف، خلال عام 2015 أي أثناء التدخل الروسي إلى وزارة الدفاع بقيادة الكسندر لافرينتييف الذي فاوض في استانة ولقاءات سوتشي، حيث كانت كلها بيده بالتعاون مع وزارة الخارجية ورئيس قسم الشرق الأوسط سابقاً.
ومع تطور الأحداث في سوريا، وتخفيف التصعيد والعمليات العسكرية، يبدو أن موسكو تخطط للمرحلة القادمة مرحلة السلم ومرحلة البناء وإعادة الإعمار الاقتصادي ومرحلة الحل السياسي هذا يتطلب شخصاً جديداً يتولى الملف.

منصب السفير في الامارات

ألكسندر يفيموف، كان يشغل منصب السفير في الامارات قبل سنتين وأحضر إلى دمشق، تحضيراً لهذه المرحلة، حسب الخبير في الشؤون الروسية، و»لهذا اليوم من اجل تسريع العمل، والتركيز عليه أي أنه بات بإمكانه ان يرفع السماعة ويتواصل مع بوتين بشكل مباشر ويقدم له التقارير، فيما يعطي الأخير التوجيهات وهذا يعبر عن مدى التركيز الكبير للملف، وإعطاء أهمية وأولوية للوضع السوري والتفاعل معه بشكل قوي من هنا يأتي التكليف بهذه المهمة الحساسة».
أما أن يكون مفوضاً سامياً، فجزم حمزة أن يكون ليفيموف دور كبير من خلال علاقاته بالرئاسة السورية والحكومة والضباط الأمن وهذا يعني أنه سيتسلم الملف السوري بالمرحلة المقبلة وبالتالي سيقوم بدور حساس ربما لا يقل أهمية عن دور بريمر في العراق سابقاً، كونه سيلعب دوراً مباشراً في التدخل في النظام السوري ليس فقط في الميدان – بالنظر إلى تخفيض العمليات العسكرية – وإنما هناك تدخل روسي في الترتيبات الأمنية والقيادات العسكرية والاقتصاد ومجالات كثيرة. وهذا ربما يكون مؤشراً حقيقياً على ما يشبه الانتداب الروسي على الاراضي السورية ووضع اليد والتصرف بمقدرات البلد والتحكم بمصيرها.

أثار تعيين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، السفير الروسي لدى سوريا، ألكسندر يفيموف، مبعوثًا خاصًا لتطوير العلاقات مع سوريا، جدلًا واسعًا بين سوريين.

وبحسب وثيقة صادرة من السفارة الروسية في دمشق أمس، الاثنين 25 من أيار، جاء فيها “تعيين السفير فوق العادة لروسيا الاتحادية لدى الجمهورية العربية السورية، يفيموف ألكسندر فلاديميروفيتش، ممثلًا خاصًا للرئيس الروسي لتطوير العلاقات مع الجمهورية العربية السورية”.

وكان ألكسندر يفيموف (62 عامًا) عُيّن سفيرًا لروسيا في سوريا، في 2018، قادمًا من الإمارات التي كان يشغل فيها منصب السفير الروسي منذ عام 2013، وسبق أن عمل في السفارة الروسية في عمّان، كما عمل في قسم شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الروسية.

التعيين أثار تساؤلات حول ما إذا كان يمكن اعتباره زيادة هيمنة روسية على القرار في سوريا، أم إجراء روتيني متعلق بالسياسة الخارجية الروسية.

منصب متعارف عليه

وأوضح الإعلامي الخبير في الشأن الروسي، نصر اليوسف، أن الممثل الخاص هو منصب معترف به في السياسة الروسية، وبدأ منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، وهذا الأمر ليس جديدًا وهو متبع ومعروف.

وقال اليوسف لعنب بلدي إن الرئيس الروسي السابق، بوريس يلتسن، كان أول من عين ممثلًا خاصًا لروسيا في طاجيكستان، إضافة إلى وجود ممثلين خاصين للرئيس الروسي في الشؤون الداخلية، مثل ممثل رئيس روسيا لشؤون التطوير الرقمي.

أما في السياسة الخارجية، يوجد ممثل خاص للرئيس الروسي، مثل المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف.

صلاحيات أوسع

وأشار اليوسف إلى أن المبعوث الخاص يكون لديه صلاحيات أوسع، ويتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال إن الكسندر يفيموف حين كان يشغل منصب سفير فوق العادة في سوريا، كان يعين بمرسوم يسلمه إياه رئيس الدولة، ويكلفه بمهام معينة، وعندما يذهب إلى البلد المضيف يسلم الاعتماد لرئيس الدولة.

لكن صلاحياته عمليًا تكون ضمن الإدارة الخاصة في وزارة الخارجية، أي إنه يتلقى التعليمات عن طريق إدارة الشرق الأوسط وشمال افريقيا التابعة لوزارة الخارجية في روسيا.

كما لا يستطيع السفير الروسي في دمشق التواصل مع الجهات الرسمية السورية إلا عن طريق وزارة الخارجية.

مباشرة مع القصر الجمهوري السوري

أما الآن وبعد تعيينه ممثلًا خاصًا، توسعت صلاحياته بشكل كبير ويستطيع التواصل مباشر مع إدارة الرئيس الروسي في الحالات الخاصة، دون الرجوع إلى إدارة الشرق الأوسط.

كما يستطيع في سوريا التواصل مع القصر الجمهوري مباشرة، دون الرجوع إلى الخارجية السورية، وهذا الأمر يرفع صفته ويساعده في حل الكثير من القضايا.

لماذ عيُن في المنصب؟

ويكمن وراء قضية التعيين احتمالين، بحسب اليوسف، الأول و”هو الأرجح” أن يكون ردًا على ما أشيع مؤخرًا بأن الكرملين “غسل يديه من رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وفتح البازار للبيع”.

وبالتالي أرادت القيادة الروسية بهذا التصرف القول إنه “ليس صحيحًا ونحن ماضون قدمًا في تطوير العلاقات مع النظام الحاكم حاليًا”.

ويعتقد اليوسف أن القيادة الروسية وصلت مع الأسد إلى حالة من الملل بعدما أخدت كل ما تريد ولم يعد لديها مطامع أخرى “كون النظام منهار”، مشيرًا إلى أن هذا التعيين هو “صرف الأنظار ونوع من التعمية”.

أما الاحتمال الثاني، وهو إمكانية الحاجة إلى التواصل السريع مع القيادة الروسية لنقل بلاغ معين إلى الأسد في حال التوصل إلى اتفاق حول مصيره دون وجود حاجة للمرور عبر القنوات المتسلسلة.

ردود فعل

ولاقى التعيين ردود فعل بين سوريين، ووصفه البعض بأنه محاولة انتداب، قد يمهد لمرحلة جديدة في سوريا عبر تعيين “مندوب سامي”، كما وصفه المتحدث باسم هيئة التفاوض العليا، يحيى العريضي.

وقال العربضي عبر حسابه في “تويتر” إن “التعامل بالمثل عرف دبلوماسي بين الدول (…) مع ترقية روسيا سفيرها في دمشق إلى مندوب سامي. سلطة فيشي في المهاجرين لن تتمكن من المماثلة، هذا إهانة لكل سوري روسيا على الأقل، قوة انتداب في بلدنا”.

ودعا العريضي السوريين إلى “التحرك أمميًا بوضع البلد تحت رعاية أممية لا بوتينية احتلالية”.

ودعمت روسيا النظام السوري خلال السنوات الماضية، قبل تدخلها بشكل مباشر في أيلول 2015، لتتسلم الملف العسكري والسياسي وتصبح صاحبة القرار الرسمي فيه.

ويأتي ذلك بعد حملة إعلامية روسية ضد النظام السوري وشخصيات مقربة منه، وعدم قدرته على محاربة  الفساد ومواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بسوريا.

ل