بقلم الدكتور سنحريب برصوم/ لماذا الصمت الدولي لمجازر الأرمن والسيفو..؟..

 

 

مجازر 1915 تنطبق عليها جميع أنواع جرائم الحرب فهي إبادة عرقية لشعوب سريانية اشورية وارمنية وغيرهم يجمعها الدين المشترك وهو المسيحية وبتحريض ديني وسياسي تم ارتكاب تلك الجرائم البشعة وكذلك تهجير كامل لمن تبقى ونجا من هذه المجزرة وسيطرة على املاكهم كل ذلك جاء في قواسم مشتركة بين اهداف السلطنة العثمانية وحركة الاتحاد والترقي التي كانت في مراكز متقدمة في السلطة السياسية ولكن امام هذا كله يقف المرء مستغرباً من عدة أمور يوجد ورائها إشارات استفهام كثيرة وهي كيف يتم تطبيق سياسة الإبادة العرقية وعلى مدى سنوات عديدة من دون أي ردود فعل دولية توقف هذه الجرائم ؟وأين كان الضمير العالمي وقتها ؟ وكيف يتم اتباع سياسات تغيير ديمغرافي في مناطق ونهب أملاك هذه الشعوب والتي مازالت الوثائق والمستندات يتم توارثها من جيل الى جيل ؟ ولماذا لم يحاسب هذا النظام حتى الان على هذه الجرائم ؟ اين العدالة الدولية وأين منظمات حقوق الانسان ومنظمة الأمم المتحدة من كل هذا ؟ والسؤال الأهم كيف لأحفاد هؤلاء الشهداء ان يعيدوا حقوقهم المسلوبة والاعتراف بهذه الجرائم من قبل تركيا والعالم اجمع ؟
الأرمن والسريان لم يتركوا هذه القضية ومازالوا يحملونها كعبء ثقيل ولكنه عبء يعطيهم الثقة والهوية والتاريخ والمستقبل والاهم هي قضية وجود واثبات حق في ظل عالم ليس من أولوياته قضايا الشعوب بل المصالح السياسية والاقتصادية ، بجهود الدولة الارمينية وجهود الشعب السرياني استطاعوا ان يحققوا تطوراً في ابراز هذه القضية عالميا ونيل الاعتراف من قبل العديد من الدول والوقوف امام الأكاذيب التركية في تشويه ما حصل وانكار تلك الجرائم والذي مازال يعتبر الخطاب الرسمي للدولة التركية وريثة السلطنة العثمانية .
105 سنوات في عمر الشعوب هي أيام قليلة ولكن أليس ذلك الموقف الدولي السلبي تجاه هذه القضية هو يعطي اليوم للنظام التركي هذا الغطاء لارتكاب مجازر جديدة ؟ سابقا تم استخدام الدين كوقود لهذه الإبادة واليوم أيضا يتم القتل والتهجير باسم الدين وتغيير ديمغرافي باسم الدين ومصادرة الأملاك باسم الدين من قبل فصائل تدعي انها إسلامية وتنشئ الخلافة والامارة ولكن هي جلبت الويلات لشعوب شمال سوريا مسيحيين ومسلمين ومن يحركها اليوم هو ذات الفكر الذي حرك الفرق الحميدية والمحمدية وبعض العشائر منذ 105 سنوات بدعم عثماني عسكري وسياسي وديني لاستكمال مخططهم ، النظام التركي الحالي وتحديداً حزب اردوغان والبعيد عن العدالة والتنمية يعمل على إعادة التاريخ للوراء بكل تفاصيله وصولا الى أحلامه السلطانية وامجاد اجداده التي أقيمت على حساب دماء الملايين من البشر والمؤسف ان التاريخ أيضا يعيد نفسه في مواجهة غير متكافئة بين شعوب هي أصلا مضطهدة من حكوماتها وبين قوة لا تعرف القوانين وتفتخر بقتل كردي وسرياني وايزيدي وقتل النساء والأطفال تحت شعار وغطاء انهم ارهابيون وكل ما يريدونه هؤلاء الأبرياء هو العيش بكرامة وسلام وأيضا التاريخ يعيد نفسه امام مواقف الدول العظمى التي بدأت تراقب عن كثب وبقلق قتل وتهجير واعتقال وتعذيب واغتصاب بحق شعوب آمنة في عفرين وكوباني وتل ابيض ورأس العين وقرى الخابور .
تبقى لدينا الإرادة والامل ومن لا يموت سوف يعود اقوى وشعبنا السرياني مع تكرار المجازر عليه مازال موجوداً ويحمل الراية ونصر قضيتنا لابد ان يأتي والحق لايموت طالما ورائه مطالب ولن ننسى دماء اجدادنا وابائنا الذين رحلوا بالأمس ودماء أبنائنا اليوم التي تسفك دفاعاً عن الشعب والأرض والوجود ضد كل من يحمل الفكر الظلامي والارهابي والفكر الضيق الذي لا يعترف إلا بنفسه فقط ويريد مجتمع احادي في كل شيء وهذا ما هو مخالف للإنسانية والطبيعة والقوانين الدولية ولاشك ان وقوف بعض القوى الدولية الديمقراطية معنا في حربنا ضد داعش كانت نقطة تاريخية ولن تنسى وخصوصا في القضاء على هذا التنظيم الخطير ولكن ماذا بعد ؟ الاخطار مازالت موجودة والتهديدات مازالت قائمة وتنتظر لحظة لاستكمال مشروع السلطان الذي مازال يعتقد نفسه سلطاناً ومازال يتحكم بعقول من لا عقل لهم .
105 أعوام مضت مازلنا نتمسك ونتسلح بقيمنا وهويتنا وديننا وبهم نستنير الى درب الخلاص درب السلام لنا ولجميع شعوب المنطقة ونسعى لخلق ثقافة تعددية وإدارة تشاركية وذهنية ديمقراطية لنستطيع ان نقول وقتها اصبحنا شعوباً تستحق دولة قوية لا حروب وفتن داخلية فيها ولا ظلم واستبداد من فئة على أخرى ولا سيفو جديد يأتي .
سنحريب برصوم