1
|
أيها الناس:
|
لقد أصبحت سلطانا عليكم
|
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدونى…
|
إننى لا أتجلى دائما..
|
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصرونى
|
اتركوا أطفالكم من غير خبز
|
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعونى
|
إحمدوا الله على نعمته
|
فلقد أرسلنى كى أكتب التاريخ،
|
والتاريخ لا يكتب دونى
|
إننى يوسف فى الحسن
|
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعرى
|
وجبينا نبويا كجبينى
|
وعيونى غابة من شجر الزيتون واللوز
|
فصلوا دائما كى يحفظ الله عيونى
|
أيها الناس:
|
أنا مجنون ليلى
|
فابعثوا زوجاتكم يحملن منى..
|
وابعثوا أزواجكم كى يشكرونى
|
شرف أن تأكلوا حنطة جسمى
|
شرف أن تقطفوا لوزى وتينى
|
شرف أن تشبهونى..
|
فأنا حادثة ما حدثت
|
منذ آلاف القرون..
|
2
|
أيها الناس:
|
أنا الأول والأعدل،
|
والأجمل من بين جميع الحاكمين
|
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
|
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
|
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهانى ضميرى
|
من ترى يحكم بعدى هؤلاء الطيبين؟
|
من سيشفى بعدى الأعرج، والأبرص، والأعمى..
|
ومن يحيى عظام الميتين؟
|
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
|
من ترى يرسل للناس المطر؟
|
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
|
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
|
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
|
ويموتوا كالبقر؟
|
كلما فكرت أن أتركهم
|
فاضت دموعى كغمامة..
|
وتوكلت علىلا الله …
|
وقررت أن أركب الشعب..
|
من الآن.. الى يوم القيامه..
|
3
|
أيها الناس:
|
أنا أملككم
|
كما أملك خيلى .. وعبيدى
|
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصرى
|
فاسجدوا لى فى قيامى
|
واسجدوا لى فى قعودى
|
أولم أعثر عليكم ذات يوم
|
بين أوراق جدودى ؟؟
|
حاذروا أن تقرأوا أى كتاب
|
فأنا أقرأ عنكم..
|
حاذروا أن تكتبوا أى خطاب
|
فأنا أكتب عنكم..
|
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
|
فإنى بنواياكم عليم
|
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذنى
|
فهذا عندنا إثم عظيم
|
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
|
فكلامى هو قرآن كريم..
|
4
|
أيها الناس:
|
أنا مهديكم ، فانتظرونى
|
ودمى ينبض فى قلب الدوالى، فاشربونى
|
أوقفوا كل الأناشيد التى ينشدها الأطفال
|
فى حب الوطن
|
فأنا صرت الوطنه.
|
إننى الواحد، والخالد ما بين جميع الكائنات
|
وأنا المخزون فى ذاكرة التفاح، والناى،
|
وزرق الأغنيات
|
إرفعوا فوق الميادين تصاويرى
|
وغطونى بغيم الكلمات
|
واخطبوا لى أصغر الزوجات سناً..
|
فأنا لست أشيخ..
|
جسدى ليس يشيخ..
|
وسجونى لا تشيخ..
|
وجهاز القمع فى مملكتى ليس يشيخ..
|
أيها الناس:
|
أنا الحجاج إن أنزع قناعى تعرفونى
|
وأنا جنكيز خان جئتكم..
|
بحرابى .. وكلابى.. سوجونى
|
لاتضيقوا – أيها الناس – ببطشى
|
فأنا أقتل كى لاتقتلونى….
|
وأنا أشنق كى لا تشنقونى..
|
وأنا أدفنكم فى ذلك القبر الجماعى
|
لكيلا تدفونى..
|
5
|
أيها الناس :
|
اشتروا لى صحفا تكتب عنى
|
إنها معروضة مثل البغايا فى الشوارع
|
إشتروا لى ورقا أخضر مصقولاً كأشعاب الربيع
|
ومدادا .. ومطابع
|
كل شىء يشترى فى عصرنا .. حتى الأصابع..
|
إشتروا فاكهة الفكر .. وخلوها أمامى
|
واطبخوا لى شاعرا،
|
واجعلوه، بين أطباق طعامى..
|
أنا أمى.. وعندى عقدة مما يقول الشعراء
|
فاشتروا لى شعراء يتغنون بحسنى..
|
واجعلونى نجم كل الأغلفة
|
فنجوم الرقص والمسرح ليسوا أبدا أجمل منى
|
فأنا، بالعملة الصعبة، أشرى ما أريد
|
أشترى ديوان بشار بن برد
|
وشفاه المتنبى، وأناشيد لبيد..
|
فالملايين التى فى بيت مال المسلمين
|
هى ميراث قديم لأبى
|
فخذوا من ذهبى
|
واكتبوا فى أمهات الكتب
|
أن عصرى عصر هارون الرشيد…
|
6
|
يا جماهير بلادى:
|
ياجماهير العشوب العربية
|
إننى روح نقى جاء كى يغسلكم من غبار الجاهلية
|
سجلوا صوتى على أشرطة
|
إن صوتى أخضر الايقاع كالنافورة الأندلسية
|
صورونى باسما مثل الجوكندا
|
ووديعا مثل وجه المدلية
|
صورونى…
|
وأنا أفترس الشعر بأسنانى..
|
وأمتص دماء الأبجدية
|
صورونى
|
بوقارى وجلالى،
|
وعصاى العسكرية
|
صورونى..
|
عندما أصطاد وعلا أو غزالا
|
صورونى..
|
عندما أحملكم فوق أكتافى لدار الأبدية
|
يا جماهير العشوب العربية…
|
7
|
أيها الناس:
|
أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون..
|
وأنا المسؤول عن كل رغيف تأكلون
|
وعن العشر الذى – من خلف ظهرى – تقرأون
|
فجهاز الأمن فى قصرى يوافينى
|
بأخبار العصافير .. وأخبار السنابل
|
ويوافينى بما يحدث فى بطن الحوامل
|
أيها الناس: أنا سجانكم
|
وأنا مسجونكم.. فلتعذرونى
|
إننى المنفى فى داخل قصرى
|
لا أرى شمسا، ولا نجما، ولا زهرة دفلى
|
منذ أن جئت الى السلطة طفلا
|
ورجال السيرك يلتفون حولى
|
واحد ينفخ ناياً..
|
واحد يضرب طبلا
|
واحد يمسح جوخاً .. واحد يمسح نعلا..
|
منذ أن جئت الى السلطة طفلا..
|
لم يقل لى مستشار القصر (كلا)
|
لم يقل لى وزرائى أبدا لفظة (كلا)
|
لم يقل لى سفرائى أبدا فى الوجه (كلا)
|
لم تقل إحدى نسائى فى سرير الحب (كلا)
|
إنهم قد علمونى أن أرى نفسى إلها
|
وأرى الشعب من الشرفة رملا..
|
فاعذرونى إن تحولت لهولاكو جديد
|
أنا لم أقتل لوجه القتل يوما..
|
إنما أقتلكم .. كى أتسلى..
|