منذ نصف قرنٍ تقريبًا، كان هناك مَن فكَّر بالطلاب على رغم المصاعب والمعوقات اللوجستية. اليوم الطلاب متروكون في منازلهم وقليلة جدًا المدارس التي تواكب العصر من خلال التعليم عن بُعد عبر الأون لاين والـE-BOOKS ، ولكن ماذا عن الأغلبية العظمى من المدارس؟
لا “أون لاين” ولا مَن يحزنون! لماذا؟ لأن الدولة غير مؤهلة وغير جاهزة لشيء:
تندلع حرائق “فيكتشف” المعنيون ان لا معدات إطفاء .
تهطل الأمطار فيكتشف المعنيون ان المجاري غير مؤهلة .
هذه عيِّنة، لكنها عيِّنة تكشف ان هذا البلد :
لا خطط فيه: لا plan A ولا plan B .. بلدٌ يعيش كل يوم بيومه، والشعب فيه سبق الدولة في الإجراءات .
مواطنون كُثر حوَّلوا منازلهم إلى غرف حجر صحي فيها كل أنواع أدوات التعقيم، وفرضوا نظامًا وقائيًا على كل أفراد العائلة من دون منَّةٍ من الدولة، وتحوَّلوا إلى أساتذة ومعلمات يُعلِّمون ابناءهم المنهاج المدرسي .
هذه المهمة كان يجب أن يقوم بها المعنيون في الدولة، لكن “بالهم بغير اشيا”.
فهل تُحدِث كارثة كورونا صحوة ضمير؟ أم أن السنة الدراسية ستضيع كما ضاعت السنة الدراسية عام 1976؟
نصف قرن ولم تتعلَّم الدولة شيئًا !!!
***
ها هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يُعلِن في خطاب متلفز إلى الشعب الفرنسي أن المدارس والجامعات في فرنسا ستُقفِل حتى إشعار آخر، لكنه لم يكتفِ بذلك بل تحدَّث عن استمرار التعليم من المنزل، كما ان في فرنسا بدأ تطبيق الـ Télétravail ، ما يعني أن فرنسا مؤهلة ومجهزة لخطط الطوارئ: الدراسة عن بُعد والعمل عن بُعد .
***
وكأن اللبناني لا تكفيه “لعنة الدولار”، حتى جاءته “لعنة فيروس الكورونا”…
والجامع المشترك بينهما هذا الإستلشاق بالمواطن، فوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه:
المواطن بقي مُطمئنًا إلى أن الدولة ملاذه والمصارف ملاذه، فجاءته الضربة من دولته أولًا ومن “أكبر فاسدي الفساد” في بلدنا.
والمواطن اعتقد أنه في منأى عن الكورونا، إلى ان وجد نفسه في قلب الأزمة.
***
حين تفشى الكورونا في الصين، كان الناس يتسلون في لبنان لأن الدولة كان شعارها “لا داعي للهلع”.
لكن الفيروس لا يمزح، والمرض لا يمزح… السلطة هي التي كانت تمزح، وبعض العائلات هي التي كانت تمزح، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه، وها نحن اليوم في الواقع التالي:
إصابات تتكاثر بالعشرات
بعض الإصابات لم يأتِ أصحابها من الخارج بل التقطوا العدوى بواسطة اللمس من مصابين.
مستشفى رفيق الحريري الجامعي وصل إلى الدرجة القصوى في استيعابه.
المستشفيات الأخرى بدأت تتحضَّر ولكنها غير كافية
وحتى لو أُعلِنَت حال الطوارئ في لبنان، فهل من قدرة على تطبيق الطوارئ؟
بداية، نحن شعب “نأكل بعضنا”: على سبيل المثال لا الحصر، هل يخطر في بال أحدكم كم ارتفعت اسعار المواد المعقِّمة؟ في دولة الإمارات، على سبيل المثال لا الحصر، انخفضت اسعار المواد المعقِّمة إلى أكثر من النصف، ليُتاح لجميع المواطنين الحصول عليها.
في لبنان، المواد الأصلية إرتفع سعرها أربعة اضعاف وأكثر، أما البضاعة التقليدية والمغشوشة، فوجد مروِّجوها الوقت ملائمًا لتصريفها، مستفيدين من غياب الأجهزة المعنية في ضبط هذه الحالات الشاذة.
***
لا شيء على الوقت في بلدنا:
الإجراءات متأخرة. الوقاية متأخرة. واحدٌ وعشرون يومًا على أول إصابة، فيما الرحلات بقيت مستمرة.
قد يُقال إن الدولة ملزمة بأن تؤمن نقل ابنائها من أي دولة في العالم إلى لبنان، هذا صحيح، ولكن يُفترض التعلُّم من دول قامت بهذا العمل ولكن من ضمن مهلة:
الإمارات أعطت أبناءها في الخارج مهلة اثنتين وسبعين ساعة ووفرت لهم العودة، فالإنتظار لا يمكن ان يستمر إلى ما شاء الله.
الرئيس الأميركي أوقف الرحلات من أوروبا إلى أميركا.
الصين إستطاعت السيطرة على الوباء لأنها دولة جديّة ولأن شعبها جديّ.
ماذا عنَّا؟ وعندنا؟
وإذا بهذه الظروف غير المسبوقة لا جديّة فمتى إذاً؟؟