كما كان متوقعاً خرجت قمة الرئيسين الروسي بوتن والتركي أردوغان من دون نتائج ملموسة، حول ما يجري في إدلب وهذا ما لاحظه الكثيرون من المتابعين، من خلال الحالة المتوترة لاردوغان في اللقاء الذي فرض فيه بوتن ما طرحه على الرئيس التركي أردوغان، وبقيت الكثير من القضايا الهامة معلقة ما ينذر بأن البنود التي اتفقوا عليها وبخاصة مسألة وقف إطلاق النار في إدلب، التي ستبقى في إطار الأمنيات التي قد لا تتحقق أبداً.
حيث أعلن الرئيس الروسي بوتن بأنهم توصلوا مع الأتراك إلى وثيقة مشتركة بأن وقف إ\طلاق النار في إدلب، رغم اختلاف وجهات النظر بين البلدين، من خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه بأردوغان في موسكو، وأكد بوتن بأن هناك خلافات في الكثير من القضايا حول سوريا بين البلدين، وتمنى بأن تؤدي هذه الوثيقة إلى وقف لإطلاق النار في إدلب وحسب قوله الهدف هو وصول المساعدات الإنسانية لأهالي المنطقة. وتحدث بوتن مطولاً عن المجموعات المرتزقة الإرهابية وأنشطتها الكثيرة، وبخاصة مع بداية العام 2020، حيث لم تستطع تركيا السيطرة عليها بأي وقت من الأوقات، وأكد بوتن على ضرورة الالتزام بمسألة احترام السيادة السورية ووحدة أراضيها، ومن الضروري مكافحة الإرهاب في سوريا.
ويبدو من خلال البيان المشترك بين الطرفين أنه سيكون هناك ممر آمن على طول ستة كيلومترات شمالي الطريق الدولي إم 4، وستة كيلومترات جنوبه، وسيتم تحديد كل التفاصيل خلال سبعة أيام من تاريخ توقيع الوثيقة، وبأن الدوريات الروسية لاتركية المشتركة ستبدأ في الخامس عشر من آذار على امتداد الطريق إم 4 بين منطقتي طرمبة غرب سراقب وعين الحور.
وما يستشف من كل ذلك يؤكد بأن الرئيس التركي أردوغان خرج خالي الوفاض لا حول له ولا قوة، من هذا اللقاء الذي أداره بوتن بكل حنكة وفرض شروطه الكاملة، التي قبل بها أردوغان مسيراً لا مخيراً، لأن عدم القبول بتلك الشروط سيغير من علاقة بوتن بالرئيس التركي أولا، وفي إطار العلاقات بين تركيا وروسيا ثانياً، وبات الرئيس التركي مقيداً بسلاسل السياسة الروسية التي جيرت تركيا وروضتها على مقاسها، في تنفيذ كافة الشروط الروسية.
باعتقادي أن هذه الوثيقة غير قادرة على الصمود طويلاً، في ضوء النتائج التي خرجت عن اجتماع موسكو بين بوتن وأردوغان، والمتابع بمكنه ملاحظة الكثير من إشارات الاستفهام خلال اللقاء، حيث حاول أردوغان بشتى الوسائل التحدث عن وقف إطلاق النار وعودة قوات النظام السوري إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية، ولكن لم يعر بوتن أي اهتمام لهذا الكلام، وفي النهاية اتفقوا على أن تبقى الأمور كما عليه الآن دون تغيير.
ومهما كانت نتائج ذلك الاجتماع فأن الرئيس التركي أردوغان خرج خاسراً مرةً أخرى، أمام بوتن الذي عرف من أين يؤكل الكتف، ونبه أردوغان للمرة الألف بضرورة تطبيق بنود اتفاقية سوتشي، وفصل المجموعات الإرهابية عن الأخرى وروسيا تعني ما تقول، لأنها تتهم الغالبية من تلك المجموعات بالإرهاب، وتؤكد بوجوب القضاء عليها، وإن لم تقم تركيا بواجبها تجاه ذلك فهي ستتكفل بالقضاء عليها بطرقها الخاصة.
إدلب الآن على بركان من نار وبخاصة ان جميع الاتفاقات السابقة باءت بالفشل، وكل الدلائل تشير بأن الوثيقة الموقعة بين روسيا وتركيا ستلقى نفس المصير، لأن تركيا لا تستطيع حل جبهة النصرة وبعض المجموعات الأخرى كالحزب التركستاني، التي ترفض هذه الحلول، ولهذا قد تكون هذه الوثيقة المسمار الأخير الذي دق في نعش السلطان العثماني أردوغان.