استناداً لما وصلت إليها الأوضاع في سوريا طيلة السنوات السابقة وما ستؤول إليه في السنوات اللاحقة، فإن النظام الحاكم يتحمل المسؤولية الأولى عما بلغت إليه الأوضاع في سوريا عامة، وذلك لفشله في التعاطي مع الأزمة السياسية والاجتماعية الضاغطة التي عصفت بالمجتمع السوري، إضافة إلى فشله في التعاطي مع مكونات المجتمع المختلفة بكونها فسيفساء تُزِّين ربوع المجتمع السوري وتعطي لها المزيد من الجمالية والرقي ومزيد من التنوع الحضاري والثقافي. يضاف إلى كل هذا آفة الفساد المستشرية في المجتمع السوري وبشهادة المواقع والصحف السورية المقربة من السلطة، والتي باتت تنشر أخباراً متعاقبة عن فضائح الفساد الإداري.
من الملاحظ, أن النظام السوري أنفق وينفق نحو 70 بالمائة من ميزانية الدولة على المعضلات والأزمات الحالية والحروب الداخلية، دون أن ينظر ولو بطرفة عين على أزمات المجتمع الخانقة والأزمات الاقتصادية التي يعاني منها أفراد المجتمع, حتى بات بإمكاننا القول أن سوريا باتت دولة منهارة بعيدة كل البعد عن شعوبها ومكوناتها، خاصة وأن جميع المحاولات “الترقيعية” من قبل النظام، أثبتت أنه لا مخرج منها سوى بـ “التحول نحو الديمقراطية” و “الدخول في حوار وطني شامل مع الشعب.
وفي موازاة لذلك يصرح العديد من المسؤولين في النظام أنهم بصدد القيام بجملة من الإجراءات والتي يعتقدون بأنها تَصبُّ في صالح المجتمع السوري, لكن عدد كبير من مكونات المجتمع السوري لم تعد تثق بهذه الإجراءات كونها تفتقد لـ”الإرادة السياسية الحقيقية” .
من جانبنا نؤكد أن الحوار والتواصل مع جميع الأطراف التي تمثل غالبية مكونات الشعب السوري سيؤدي حتماً إلى طرح أفكار جديدة ومن خلالها يمكن القضاء على الأزمات وحل جميع القضايا، ويمكنه نقل سوريا من قمة الأزمات والمآسي إلى قمة الأمان والتحضر، ويضع مكونات الشعب السوري على دفة الطريق الصحيح من أجل حلحلة كافة القضايا تدريجياً.
نعم؛ الوضع السوري لم يعد يحتمل المجاملات، فالإرهاب الذي تمارسه تركيا من خلال احتلالها للأراضي السورية وتدخلاتها السافرة في شؤون مجتمعنا ودعمها المستمر للفصائل الإرهابية يعتبر من أبشع مظاهر ذلك الإرهاب, ناهيك عن الإرهاب الذي تمارسه داعش وشبيهاته, فما يجري في عفرين وراس العين وغيرها من انتهاكات من خلال تعرض أهلها لأبشع أنواع الانتهاكات وأشرسها تتلاحق أمام أعيننا وتَعرُّض بعض المناطق الآمنة الأخرى بين كل فترة وأخرى تؤكد لنا بأنه لا مفرَّ من التكاتف والتعاون بين الجميع لمواجهة هذا الإرهاب وهذا الاحتلال وردع أدواته.
لدى مكونات المجتمع السوري إمكانات هائلة يمكن استثمارها بالتخفيف من السلبيات وتطوير الإيجابيات وهذا ما تتطلب المرحلة الراهنة.
والحل السياسي الشامل هو في مشاركة هذه المكونات دون أي استثناء في حوار جاد وهادف وفرصة وضرورة للخروج من الأزمات ومن تبعات الاحتلال ومن الإرهاب وضمان لسلامة الأراضي السورية ووحدتها.