بقلم هند الإرياني: “من عاشر قوما صار منهم أو رحل عنهم  “

 

 

 

عند الحديث عن المهاجرين في الإعلام السويدي يكثر التركيز على موضوع الاندماج، والتخلص من العزل الاجتماعي، العزل الاجتماعي الذي لا يساعد بتاتاً على الاندماج، والذي ليس للاجئين فيه ذنب حيث أنهم لم يختاروا أين يعيشون بل الجهات الحكومية التي كانت مسؤولة عن توزيعهم هي التي قدمت لهم بيوتاً متعمدة اختيار مناطق معينة ليكونوا بجانب بعضهم، ربما النية كانت بألا يشعروا بأنهم غرباء وحيدون، ولكن للأسف هذه المناطق أصبحت معزولة عن غيرها، بالإضافة لوجود عصابات فيها تستغل ظروف المهاجرين في جذب المراهقين للعمل خارج القانون.

عندما التقيت بواحد من أهم رجال الأعمال السويديين، وهو من أصول عربية، قال لي لكي يستطيع الإنسان النجاح في السويد، فعليه أن يتعلم اللغة السويدية، والابتعاد عمن هم من نفس بيئته، وتكوين صداقات مع السويديين، لأنه لو ظل معزولا مع من هم من نفس بيئته، فلن يستطيع الاندماج أبداً، وعليه أن يتخلص من القنوات العربية في بيته، فهي لن تساعده على تعلم اللغة.

وأضاف قائلاً لي “أنا عربي مسلم أُصلي، وأصوم في بيتي، ولكن خارج البيت أنا سويدي. ولنتذكر مقولة من عاشر قوماً اربعين يوماً صار منهم، أو رحل عنهم”.

لم أكن أعرف الجزء الأخير من المثل “أو رحل عنهم”، هذا المثل القديم يقول لنا إن لم نستطع أن نكون جزءاً من هؤلاء القوم الذين عاشرناهم، فعلينا أن نرحل عنهم، ولكن في هذا الزمن الصعب هل من السهل التنقل من بلد لآخر إلى أن تصل للقوم الذين تشعر أنك منهم؟ يسهل التنقل إن كنت ثرياً، ولديك جواز سفر يساعدك على ذلك، ولكن إن كنت من دولة فقيرة تعاني من الحرب، فلن تجد من يقبلك، وقد تضطر لأن تعاشر قوماً لا تشعر بأنك منهم، وإنما تشعر بأنك غريب عنهم، وليس الجميع لديهم القدرة على التغيير، وهنا يصبح الأمر خطيراً، فهذا الشعور بالاختلاف قد يجعلك كارهاً لهذا المجتمع، وهناك حالات كثيرة تتوجه للعنف، فإن كنت قادراً أن تعيش مع قوم، وتصبح منهم، وألا ترحل عنهم، فأنت محظوظ.

 

كاتبة يمنية