توارث عائلاتٍ الحكم والسلطة عند العرب وإقليم كردستان جريمة لاتغتفر

 

احتكار عائلات للسياسة  ليس بالأمر الجديد حيث توجد في الدول عائلات تتوارث السلطة وتنقل الحكم
والسلطة إلى أبنائها. وإزاء ذلك، يقول خبراء إن هذا الأمر يضر بالتنمية في هذه الدول,  و أثارت أزمات طاحنة. بعد 
استقلالها احتكار عائلات للسياسة وتوريث السلطة والحكم والزعامة السياسية أيضا ليست بالأمر الجديدفي  البلدان العربية تضم أسراً وعائلات تترأس السلطة وتنقلها إلى أبنائها مثل عائلات دول الخليج العربي و سوريا ولبنان, والأردن و دول المغرب العربي أيضا, ومنهم أل سعود, وأل الصباح في الكويت, وأل ثاني في دولة قطر , و أل نهيان في دولة الامارات العربية المتحدة, وأل خليفة في البحرين, وأل قابوس في سلطنة عمان, وأل الأسد في سوريا وتوارث الزعامات السياسية والطائفية في لبنان, وسوريا والعراق أيضا,ولا يتوقف الأمر على  هذه الدول,  بل إقليم كردستان العراق حكم ذاتي عشائري    قبلي وعائلي وصراع صوفي بين الطريقة الصوفية النقشبندية والطريقة القادرية بين السليمانية وأربيل, وحتى الآن لم يتعظ الكرد من الربيع العربي وفشل حكامه لارطباتهم بنظام القبيلة والعشيرة وحكمالعائلة الواحدة . المتفردة بالزعامة التقليدية وتوارث الزعامة والرئاسة لحكم الإقليم  إزاء ذلك، يرى المراقبون أن ظاهرة “توريث السلطة” بين العائلات تعيق انتقال السلطة وتجعل الأمر حكرا على عائلات بعينها ما يعني احتكار السلطة. نظام ملكي”، يرى المحلل السياسي ( مارت أدات )   أن “تركيز السلطة السياسية في يد عائلة واحدة لسنوات يمنح أبناءها بمرور الوقت نفوذا ضخما ما يحوّل نظام الحكم السياسي إلى ما يشبه النظام الملكي”.وشدد أدات على رفضه استمرار هذه الظاهرة بأي شكل من الأشكال، مضيفا “هذه الظاهرة ضارة للغاية لأنها تحرم تولي أي شخصيات أخرى (لا تنتمي إلى العائلات السياسية الحاكمة) من فرصة الوصول إلى السلطة”.

ورغم ذلك، يرى مراقبون وبينهم ( أليدو سيدو ) المتخصص في العلوم السياسية بجامعة غانا، أنه من المهم إلقاء نظرة ثاقبة بشأن توريث السلطة والعائلات السياسية لتحديد ما إذا كانت هذه الظاهرة تصب في صالح البلاد والوطن والشعب.و أ ضاف سيدو: “قد يساعد تحديد فائدة هذه الظاهرة أو ضررها معرفة وتحليل الطريقة التي يتم من خلالها انتخاب هؤلاء الأشخاص أو وصولهم إلى السلطة وكذلك مراحل انتقال السلطة وتوريثها بالإضافة إلى الصفات القيادية لهؤلاء الأشخاص وأيضا البعد الثقافي”.

يشار إلى أن ظاهرة “العائلات السياسية” ليست حكرا على البلدا ن العربية, إذ أنها توجد في جميع أنحاء العالم. ورغم ذلك، يؤكد ( أليدو سيدو ) على أن الأمر يبدو مختلفا في  البلاد العربية بسبب التأثير الثقافي الذي يشجع الآباء على توسيع الممالك والإمارات وكراسي الحكم والرئاسة,والنفوذ وأيضا ضمان انتقال هذا الأمر إلى أبنائهمن.

إضعاف التنافسية؟

بيد أن اللافت في ظاهرة انتقال السلطة بين أفراد العائلة الواحدة في البلدان العربية, أنها تجرى من دون أي “عملية انتقالية تنافسية” ما يثير توترات سياسية وأعمال عنف فوضوية تعيق التنمية وتزعزع الاستقرار في البلدان, و في العالم العربي كما حصل في سوريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا واليمن

بدوره يقول ( أليدو سيدو  ) إن الفارق بين ظاهرة وجود أسر وعائلات سياسية في هذه البلدان وغيرها في البلدان الغربية هو أن انتقال السلطة من الأباء إلى الأبناء أو أفراد العائلة الواحدة يتم في أجواء تنافسية حيث تكون الأولوية للكفاءة وليس لاعتبارات النسب والقرابة.وأضاف “في بلدان أخرى من العالم، يتم  التوريث السياسي في ظل عملية تنافسية ونزيهة وأكثر شفافية عما يحدث في  بلاد العرب,.و ما يحدث في هذه البلاد أن الأب (رئيس البلاد) يقوم بتهيئة ابنه ويلحقه بالجيش حيث تتم ترقيته إلى رتبة قائد الجيش ويخلف والده فيما بعد”.وأشار الباحث اإلى أن سرعة انتقال الحكم أو توريثه تحدث في  البلا د العربية بوتيرة كبيرة مقارنة بباقي مناطق العالم.

الغريب والعجيب أن القادة العرب لا يولون أي اهتمام بالتنافسية أو النزاهة بسبب مصالحهم وحساباتهم الضيقة. لقد تراكمت الأموال والنفوذ السياسي في قبضة عائلات عربية وهي تسعى إلى استغلال هذا الأمر للضغط حتى يتمكنوا من البقاء والحصول على السلطة”.

ويسلط أدات الضوء على مخاوف بعض القادة والزعماء الأفارقة من تعرضهم للمساءلة في حالة مغادرتهم المنصب لذا فهم يرغبون من وراء توريث السلطة والحكم إلى أبنائهم توفير الحماية لهم.

ويتفق في هذا الرأي أليدو إذ يؤكد على أن القادة والزعماء يعملون على ضمان الحفاظ على الاستثمارات الخاصة بعائلاتهم وأقاربهم، لذا فهم يرغبون في وجود شخص يمكنه الحفاظ على هذه الثروات العائلية.

التوريث السياسي..مزيد من الفساد والحكم الفاشل

لكن تجدر الإشارة إلى أنه عندما تستمر السلطة في قبضة عائلة واحدة ويتم توارث السياسة والسلطة داخل أفرادها من دون تنافسية أو شفافية، فإن الأمر سيؤدي إلى مزيد من الحكم الفاشل والسيء وسوء الإدارة الاقتصادية على وجه الخصوص.

كذلك تعكف هذه العائلات على نهب المزيد من أموال وثروات البلاد ما يفاقم من الأزمات الأقتصادية ويثير توترات سياسية ما يمهد الطريق أمام اندلاع احتجاجات ومظاهرات وانتفاضات كما حدث في سوريا والعراق ولبنان وتونس والجزائر والمغرب,وليبيا, وحكم العائلة الواحدة سئ  يتم نهب الموارد الطبيعية  ويرتفع معدل الفساد بشكل كبير … كل هذه الأشكال من سوء الإدارة سيؤثر حتما على حياة المواطنين ومعيشتهم”.

آلهة وليس حكام

وأشار ( أليدو  ) إلى أن هؤلاء الزعماء والقادة لا يتعرضون للمساءلة فقط بل قد يصل الأمر إلى أنهم يتصرفون في إدارة شؤون البلاد وكأنهم آلهة، مضيفا “العديد من  العسكريين العرب وغيرهم  لا يزال لديهم شهية للسلطة رغم انتشار الديمقراطية”.ولكن شهية السلطة قوية عند العرب, وعلى سبيل المثال أمير دولة قطر الحالي عزل والده عن الحكم  بذريغة ( الخرف ) وأيضا السلطان قابوس عزل والده بتهمة    ( اللواطة والزواج المثلي ), هناك مثال على هذا الأمر أمام أعيننا وهو أن (رئيس أوغندا وويريموسيفيني)   يسعى إلى أن يخلفه نجله في رئاسة البلاد. حتى في زيمبابوي حاول موغابي في السابق أن ينقل السلطة إلى زوجته لكن الأمر فشل بسبب أن زوجته لم تكن قوية من الناحية السياسية وهو ما بدا جليا من رفض الجيش في زيمبابوي ذلك وقام بالإطاحة به من السلطة”.

 

محاربة التوريث السياسي..كيف هذا؟

وإزاء كل هذه المعطيات تُطرح تساؤلات عن كيفية وقف التوريث السياسي في العالم العربي في ظل افتقار البلدان العربية إلى دساتير تمنع أو تعيق احتكار السلطة في أيدي عائلة واحدة.

وفي ظل ما يجري في العالم العربي، يرى – أليدو – أن الأمر بات على عائق المواطنين إذ إنهم القادرون دون سواهم على إنهاء هذه الظاهرة، مضيفا “تبدأ دساتير الكثير من البلدان بعبارة (نحن الشعب) وهذا الأمر مرجعه أن الشعب يعد أهم مكونات عملية الحكم فضلا عن أن الدساتير تمت صياغتها لتخدم مصالح الشعب، لذا يتعين على المواطنين الانخراط في مقاومة مشروعه

وأشار – أليدو – إلى أن معارضة ظاهرة التوريث السياسي قد تتخذ أشكالا عديدة منها اللجوء إلى المحاكم والقانون وأيضا تنظيم مظاهرات واحتجاجات، وهي الوسيلة التي يراها الأفضل والأكثر فعالية خاصة في ظل التلاعب في الأنظمة القضائية من قبل بعض القادة.

أما – أدات – فيأمل في أن تكون الشعوب أكثر وعيا حيال الانخراط في المقاومة الرافضة للتوريث السياسي، مضيفا “عندما ترى الشعوب أن قلة قليلة تستحوذ على السلطة، فإنهم سيتمردون”.

بدوره، يرى – أليدو –  أنه رغم أن بعض العائلات السياسية ساعدت في تحقيق التنمية في  بلادها، إلا أنها استبعدت أطياف أخرى من المجتمع وهذا في نهاية المطاف يوفر أرضا خصبة لاندلاع اضطرابات إذ عندما “تسأم الناس فإنها تتمرد وتقاوم الأمر”.وأكد على ضرورة التمسك بالديمقراطية ومبادئها لأنها الكفيلة لضمان “خلق فرص متكافئة للجميع ليعيشوا حياة أفضل ويعم السلام الدائم.