نوسوسيال

بقلم: محمدأرسلان/ أوهام أردوغان والعبث في تاريخ القرصان ا

505

وما زال المستبدون يعيشون في أوهام استحضار التاريخ من زواياه المظلمة التي لا تكون نتائجها سوى المزيد من القتل والدمار والفساد والخراب والترهيب والجهل. واستحضار المثل السيئ وكذلك أن يكون هو المقياس لأي إنسان لن يزيدنا إلا شكوكًا على أن هذا الشخص ليس سويًا، وينبغي وضعه في المصحات العقلية وأفضلها في حي العباسية ليكون عبرة لمن تسول له نفسه بهكذا ترهات غبية. وهذا هو الموقف الصائب كي نحمي مجتمعنا من التفسخ والتشتت وتوجيهه نحو الأفضل في الإنتاج والتماسك وقبول الآخر.
لكن أن نعيش في زمنٍ يكون فيه المعتوه والمجنون والصعلوك هو الحاكم والزعيم والآمر الناهي وحتى الخليفة، حينها يجب أن نُقِرُ بأننا نعيش العلامات الكبرى من يوم الحساب وأن ما سنعيشه جراء قرارات هذا السلطان ستكون وخيمة على الجميع ولن تطال فقط حاشيته.
استحضار أردوغان لشخصية القرصان بربروس الذي لم يكن إلا مجرمًا ولصًا يجوب البحر المتوسط ينشر فيه الخوف والرعب لترهيب المسافرين، لم تأتِ صدفة لأنها بالفعل تعبر عن حقيقة شخصية أردوغان اللص الذي سرق خيرات ومعاملها ونفطها وقمحها وترك الشعب السوري يئن من الجوع والبرد ينتظر المساعدات التي ستمنحها له المؤسسات الدولية.
يسعى أردوغان أن يستغل الفراغ والفوضى التي تضرب المنطقة نتيجة الأزمة البنيوية التي تعصف بالدول، مما يفتح المجال لأمثال أردوغان أن يكون بلطجيًا يعربد كيفما شاء ويصرخ كما يريد. ومع غياب شبه تام لمعظم المؤسسات الاقليمية والدولية في لعب دورها المنوط بها في حماية الدول والشعوب، يكون أردوغان هو المانشيت الأبرز كل يوم في نقل القتل والإرهاب لكل مكان وجغرافيا.
حولت القوى الغربية التي تستخدم أردوغان كأداة لتنفيذ مآربها، المنطقة إلى غابة لا قانون يحكمها سوى قانون البقاء للأقوى كما أرادها داروين أن تكون. وهاهم من يدعون السلطنة والخلافة يريدون أن يثبتوا للعالم أن الغابة هي المكان الأفضل للقيام بأعمال البلطجة والارتزاق على حساب المجتمعات والشعوب التي تتمنى أن يكون البقاء للكل. وشتَّان ما بين المصطلحين الأقوى والكل.
نقل المرتزقة والإرهابيين من سوريا إلى ليبيا لن يغفر لأردوغان دعمه للإرهاب ولن يخلصه من تهمة جرائم الحرب التي ارتكبتها المرتزقة الممولين من أردوغان بشكل مباشر إن كان في سوريا والعراق والآن في ليبيا. وما تهديداته لإغراق أوروبا بهؤلاء الإرهابيين إلا تعبير واضح على أن أردوغان هو خير من يمثل أجداده من المجرمين والقتلة إن كان أولهم من آل عثمان وسلجوق ولم يكن آخرهم بربروس وطلعت باشا والسلطان سليم.
لم يكن مؤتمر برلين الأخير سوى منح صك تدويل الأزمة الليبية أكثر فأكثر وإنهاك الشعب الليبي في حرب عبثية لا فائدة منها سوى المزيد من القتل والدمار والخراب والتهجير. لم يكن ثمة جديد من مخرجات مؤتمر برلين سوى بعض الأدعية غير الملزمة لكل الأطراف مهما ردد من حضرها كلمة “آمين”. دعاء لم ولن يتقبله أحد ممن حضروا وأرادوا أداء صلاة الغائب على جثة وطن اسمه ليبيا.
سماسرة الحروب من القوة الإقليمية والدولية ومن معهم من مرتزقة أرادوا تحويل الوطن إلى مجرد جثة نبكي ونلطم عليه ونكتب المرثيات حوله واختزال الوطن بجدارية على حائط المبكى نندب حظنا فيه وبه. لكنهم تناسوا أن الوطن أكبر من أوهامهم ومن لصوصهم وكذلك سماسرة وتجار الحروب. الوطن هو تاريخ الجهد والكد لملايين من البشر الذين صنعوا الحضارة وعلموا المدنية للشعوب الأخرى وكذلك العلوم. إنه وطن ننتمي له بقدر انتمائه لنا في وجداننا وضميرنا وتراب ممزوج بدماء الشعوب الذين دافعوا عنه ولم يهربوا ويتركوه وحيدًا يصارع اللصوص وقراصنة الحروب من أشباه أردوغان ومن يتخذونه مثالهم الأعلى من المرتزقة والمنبطحين من العبيد الذين يحاربون كل من يعيش الحرية ويسير على دربها.