نوسوسيال

بقلم:دجوار أحمد أغا/ أيلول الاسود خيانة وصدمة قاتلة للرئيس عبد الناصر

370

يبدو بأن ما عاناه الشعب الفلسطيني على يد أنظمة الحكم في بعض البلدان العربية, يفوق المجازر والمذابح التي تعرض لها على يد عصابات الصهاينة التي كانت تهاجم قراه وبلداته, وفيما بعد جيش دولة اسرائيل الذي نستطيع القول –ولومجازا- بأنه كان أرحم من جيوش الأنظمة العربية-. هذه

حقيقة نشاهدها يوميا على شاشات التلفزة العربية والاجنبية على حد سواء, فالشعب الفلسطيني يقاوم المحتل الاسرائيلي بكل ما يتوفر لديه من وسائل؛-وهذا من حقه-, نلاحظ بأنه يرشق جنود جيش الاحتلال بالحجارة, بينما يرد عليه الجنود الإسرائيليون بالقنابل الغازية والرصاص المطاطي .

هنا, يتبادر الى ذهننا السؤال التالي: ماذا لو قام الفلسطينيون اللاجئون في معظم البلدان العربية بالمظاهرات والانتفاضة في وجه أنظمة هذه الدول وقذفوهم بالحجارة, لتحسين ظروف معيشتهم في مخيمات اللجوء, تُرى ماذا سيكون ردهم؟! .

سنعلم ردهم في هذه المقالة والتي تبين الفظائع التي ارتكبها الجيش الاردني الشقيق وليس الجيش الاسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني اللاجئ للأردن بعد نكبة 1948 ومن ثم نكسة 1967.

جرت هذه الأحداث في الفترة ما بين 16 ولغاية 27 ايلول من العام 1970, رغم ان بعض المناوشات والمواجهات الجزئية استمرت لغاية 17 تموز 1971. الأسباب التي أدت الى نشوب هذا الصراع العسكري المسلح بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات و الجيش الأردني بقيادة

الملك حسين بن طلال عديدة يمكننا أن نختصرها بما يلي : بعد خسارة الأردن للكثير من أراضيه في حرب الأيام الستة أو ما تُعرف بنكسة حزيران 1967, نقل الفدائيون الفلسطينيون معسكراتهم الى داخل الأراضي الأردنية وأصبحوا يهاجمون القوات الاسرائيلية انطلاقا منها, مما أدى الى رد سريع

وقاسي من اسرائيل تجاه الاراضي الاردنية, خاصة بعد أن حققت القوات الفلسطينية و الجيش الاردني انتصارا ساحقا في معركة الكرامة في 21 آذار سنة 1968 (الكرامة هي بلدة أردنية تقع على حدود الضفة الغربية, فيها المعسكر الرئيسي للفدائيين الفلسطينية هاجمتها القوات الاسرائيلية بشراسة

)لكن المقاومة المشتركة الفلسطينية والاردنية انتصرت وانهزمت اسرائيل فيها). بعد هذا الانتصار ,ازداد الدعم العربي لمنظمة التحرير الفلسطينية وخاصة من جانب مصر والسعودية والكويت وسوريا والعراق, مما دفع بمنظمة التحرير الفلسطينية الى بناء ما يشبه بناء دولة ضمن دولة – كما هو

الحال الآن في لبنان مع حزب الله-. في حقيقة الأمر كان الفلسطينيون لا يعترفون بالأردن كدولة ويطالبون بفلسطين التاريخية أي ضفتي نهر الأردن. قد يكون من المفيد التحقيق في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية وإشاراتها الخاصة إلى مسألة الأراضي. الفقرة الأساسية هي المادة 2 من الميثاق، الذ تم اعتماده عام 1964 والذي ينص على ما يلي: “فلسطين في حدودها الانتدابية وحدة إقليمية غير قابلة للتجزئة”.

يشار إلى أن مؤتمر سان ريمو لعام 1920، الذي أعطى فلسطين كانتداب لبريطانيا انطبق على كلا الجانبين من نهر الأردن. ولو أن بريطانيا لاحقا فصلت الضفة الشرقية (المملكة الأردنية الهاشمية) عن الضفة الغربية (دولة إسرائيل يهودا والسامرة وقطاع غزة اليوم)، ظلت الضفتان مرتبطين قانونيا في

ظل المندوب السامي البريطاني حتى عام 1946، عندما أصبحت الضفة الشرقية مملكة تحت حكم الملك عبد الله الأول. دستوريا يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية، الادعاء بأحقيتها بالأردن بكونه جزءا من فلسطين الانتدابية والتاريخية. تم التعبير عن هذا التفسير في إطار المجلس الوطني

الفلسطيني الثامن في القاهرة في مارس 1971، بعد ستة أشهر من أيلول الأسود. بل إن إحدى القرارات التي اتخذتها دورة المجلس الوطني الفلسطيني دحضت التمييز بين شرق الأردن وفلسطين وأعادت التأكيد على الوحدة الإقليمية للضفتين، مما يعني ضمنا ضرورة الإطاحة بالنظام الهاشمي

واستبداله بنظام فلسطيني قومي. بطبيعة الحال, لم يرتاح الملك حسين لهذه المحاولات الفلسطينية لسلبه عرشه الذي يجلس عليه منذ العام 1951 بعد مرض والده الملك طلال بن عبدالله بن الشريف حسين. في السابع عشر من ايلول 1970 وبأمر مباشر من الملك حسين شخصيا, قام الجيش

 

الأردني بحصار المدن التي تسيطر عليها منظمة التحرير الفلسطينية أو لها تواجد مؤثر فيها, من ضمنها عمّان العاصمة وإربد وعجلون وغيرها. بدأت الدبابات والمجنزرات الأردنية بالقصف المدفعي العنيف على مواقع المنظمات الفلسطينية، وبدأت المجنزرات والسكوتات باقتحام مخيم الوحدات ومخيم البقعة ومخيم سوف في عمان ومخيم الزرقاء واجتياح فرق المشاة لشوارع مدن الزرقاء

وعمان وإربد ، حيث حدثت معارك ضارية فيها، وكان لشدة المقاومة في مخيم الوحدات السبب في دفع القوات الأردنية إلى زيادة وتيرة القصف والضغط العسكري مع مساندة الطيران مما ادى لزيادة الخسائر في الأرواح, حيث ذكرت الكثير من المصادر أن عدد الإصابات بلغ عشرات الآلاف ما بين عسكريين ومدنيين من الطرفين وعلى وجه الخصوص الجانب الفلسطيني مما يضعها في خانة الإبادة, -علما بأنها معروفة بين ابناء الشعب الفلسطيني تحت اسم “مذابح أيلول الأسود”-.

نتيجة الضغوط المتصاعدة التي قامت بها البلدان العربية المؤثرة كمصر والسعودية والكويت والجزائر وسوريا وغيرها. أوقف الملك حسين القتال, و في 13 تشرين الأول وقع اتفاق مع عرفات لتنظيم وجود الفدائيين. لكن الجيش الأردني هاجم القوات الفلسطينية مرة أخرى في كانون الثاني 1971 حيث تم طرد الفدائيين الفلسطينيين من المدن الواحدة تلو الأخرى، حتى استسلم 2,000 من

الفدائيين بعد محاصرتهم في غابة قرب عجلون يوم 17 تموز، وكان ذلك إيذانا بانتهاء الصراع.
انتقل الفدائيون الى لبنان والتي أصبحت ساحة للصراع العربي الإسرائيلي وهناك حدث أمر مماثل لما جرى في الأردن و التي ستكون موضوع لمقالة قادمة – نقصد مذبحة تل الزعتر- وجود المقاومة الفلسطينية في لبنان دفع بإسرائيل الى اجتياحه مرتين مرة 1978 ومرة اخرى عام 1982 والتي تُعد

السابقة الأولى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي بحث تحتل اسرائيل عاصمة عربية (بيروت(.
يُذكر أنه تشكلت على أثر احداث أيلول الأسود (منظمة أيلول الأسود)، من أبرز عملياتها عملية ميونخ دت الى وفاتهالتي أدت إلى مقتل 11 رياضيا إسرائيليا في دورة الألعاب الأولمبية لعام 1972 في ميونخ بألمانيا،

واغتيال رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في القاهرة في 1971 الذي حملته المنظمة مسؤولية أحداث أيلول الأسود حيث كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع خلالها. كان المسؤول عن المنظمة صلاح خلف المعروف بأبو إياد والذي اغتالته اسرائيل فيما بعد في تونس بتاريخ 14 كانون الثاني 1991.

وعلى خلفية أحداث ايلول الأسود اتم عقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة برئاسة الرئيس عبد الناصر وعلى هامش القمة العربية التقى ملك الأردن حسين بالرئيس عبد الناصر وقدم له ملفا حول

أحداث ايلول الأسود وخيانة المنظمات الفلسطينية التي استولت على البنوك الاردنية بزعامة رئيس الجبهة الشعبية القيادة العامة أحمد جبريل بسرقة بنك البتراء والبنك المركزي الاردنيوالاتصالات

السرية بين ياسر عرفات والموساد الاسرائيلي وكانت المفاجئة الكبرى الصادمة للرئيس عبد الناصر وسلم الملك حسين هذا الملف الخطير للرئيس عبد الناصر وكلف عبد الناصر نائبه الرئيس انور السادات

بمتابعة وتحقق كافة المعلومات الواردة بالملف ثم غادر القاهرة الملك حسين وكان أخر زعيم عربي يودعه عبد الناصر في مطار القاهرة حيث كان الملف صادمأ للرئيس جمال عبد الناصر وعلى خلفية هذا

الملف الصادم تأثر عبد الناصر وخلال 24 ساعة تدهورت صحته إثر الصدمة الخيانة العظمى للفلسطينين أدت الى وفاته. وتقلد السادات منصب رئيس الجمهورية وتابع الملف وكانت ردت فعل السادات زيارته الى اسرائيل وابرام اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل وهذا ما خلفه ايلول الأسود