نوسوسيال

أجرى الحوار نصر محمد: مع الشاعرة السورية ربا وقاف

615

 

في إطار سلسلة الحوارات التي اقوم بها بقصد إتاحة الفرصة أمام المهتمين بالشأن الثقافي والإبداعي والكتابة الأدبية بشكل عام و الذين يعانون من ضآلة المعلومات الشخصية عن أصحاب الإبداعات الثقافية. لذلك فان الحوار معهم يتيح للجميع التعرف عليهم عن قرب

شاعرة أبدعت في، مجال الأدب والشعر. شأنها شأن كل المبدعات اللواتي يزاحمن ليجدن لأقلامهن موطئ قدم
في عالم الأدب الذي يزدحم بكل الوان التصاميم الفنية
العالية. قلبها الشفاف ذو إحساس جميل ينعكس على حروفها
فتكتب شذى النثر وتلون الحرف. هي الشاعرة السورية المغتربة ربا وقاف ضيفتنا وضيفتكم اليوم

شاعرة سورية من مواليد دمشق ومقيمة في المملكة المتحدة.
درست اللغة الانكليزية لها مجموعة شعرية ‘ بك أعرفني’ ومجموعة من القصائدة المنشورة في مجموعات مشتركة ولها مجموعة من القصائد المترجمة للغة الانكليزية.

أن أتطلّعَ للقاءٍ
كأن أكتب بالخطِ العريض
يلتفتُ القدرُ لأموره العاجلة..
يسرعُ في طوافهِ
والمؤكد لستُ من أولوياته.
كل ما هنالك أنه يعّدُ المصادفات المفاجئة…
وكل ما يشغلنا
لماذا؟

لكن السماء لا تسمعُ الهمس ولا الصراخ.

كآلهة تتلحّف بثوبها الفضفاض
تلبي دعوة للرقص
على آلامنا.
نحن هنا لا لشيئ فقط لنبتهل.

هل فكرنا يوما أن نخرج من ثوب الفريسة..
من فكرة الذنب..
وأن الحبَّ قدر كما الموت..

كلاهما صوتٌ مدفون..
قتلهما
ضجر.

س – من هي ربا وقاف الشاعرة والإنسانة؟

ج -هي امرأة من حكايا منسوجة من أيام عمرها قضتها في بلد كان يقال عنه جميل وما زال في قلبها الأجمل اسمه سوريا. أعتادت السفر وحط بها الرحال بأبعد ما توقعت يوما. تشتاق لطفولتها والأرجوحة الي رسمت لها أجنحة ولليل الذي شاركها أجمل الروايات وأنتهى بها لرسم أحلامها على ورق.

س _الشاعرة ربا وقاف. كبشر في حياتنا محطة أولى اسمها البداية هي تكون بمثابة منارة تنير لنا الطريق نحو المستقبل
تحدد لنا المصير الذي نحن عليه اليوم. حدثيني عن المحطة التي انطلقت منها نحو عالم الشعر؟

ج -محطتي الأولى كانت محاولات لتلخيص الكم الهائل من المشاعر المختزنة بعد قراءة او لقاء أو حتى مشاهدة .. أحداث مشوشة أسعى لترتيبها في صور كنوع من التخلص منها ربما او حفظها في ذاكرة متعبة.. صور جميلة أحولها لكلمات وجمل واخبئها في دفتر لم يظهر الا بعد سنوات في أول لقاء لأقرأ بعضا منه وكانت في أمسية في جامعة دمشق.

س _ الشاعرة ربا وقاف عندما تكتبين ماهي الطقوس الخاصة بك التي تستدعي الهام الشعر او شيطانك الشعري
على حد قول الكثيرين؟

ج _لا طقوس معينة ترافق ولادة نص ولا حتى ترتيبات مسبقة. عندما تزدحم الأفكار أو تتواتر للذهن فكرة معينة أسعى في لحظتها لنقلها والكتابة عنها وغالبا ما تتوه في منتصف الطريق وتنتهي بفكرة أخرى أنضج فيحدث كثيرا أن أقرأ النص بعد الانتهاء منه لأكتشف أن الفكرة لم تكن المقصودة في البداية. الالهام يأتي من موقف, من قلق ما أو من ألم فلطالما كانت آلامنا سيدة الموقف هنا.

س _ يقول الشاعر محمد زادة طريقتك في كتابة القصيدة تكون أقرب إلى قصيدة الرؤيا.. ماهي اهم ملامح النص الحديث وخاصة قصيدة النثر في رأيك؟ وماذا نعني بقصيدة الرؤيا حينما نصف قصيدة النثر؟

ج _أرى توافقا كبيرا فيما أعتبره التخلي عن القيود في قصيدة النثر والخلق الحر وابتكار الصور بعيدا عن رغبة الشاعر باتباع بناء محدد و الايحاءات اللانهائية التي تخطر في بال كل قارئ. كلها صور أو رؤية تتعلق بفهم القارئ للنص بعيدا عما يعنيه الشاعر.أعتقد هذا ما عناه الصديق والشاعر محمد زادة في وصف نصوصي بقصيدة الرؤيا.

س _ الشعر كما تعلمين ونعلم هو تأمل للروح البشرية وابعادها. كيف توفقين بين التأمل الروحي لذاتك وبين كتابة ابعادها في نصوصك؟

ج _لم أكتب شيئا لم يعنيني حتى العمق. تلك النصوص ببساطتها نتاج لتركيبة روحية ظهرت في النصوص شئت أم أبيت. التأمل الروحي هو العامل المهم في خلق صورة الشاعر، والناقل الرسمي لمجمل أفكاره في ساعة الجنون بعد الانعتاق من أسر المكان والزمان والتحليق في غابات مهجورة وأجواء مسكونة بالغرابة بعيداً عن كل الناس.

س _ لديك مجموعة شعرية بعنوان // بك اعرفني // لو تحدثينا بايجاز ماذا يحتوي بين دفتي غلافه؟

ج _( بك أعرفني) هي تركيبة من ربا القارئة والحالمة والشاعرة. تجد فيها حنيني لسوريا وشوقي لكل ما هو جميل فيها, ربا الأم والأبنة, المرأة العاشقة والرافضة لكل قيد يضع المرأة في قالب الأنثى فقط.

س _ يقول الشاعر المكسيكي الراحل اوكتافيو باث .. الحب
موقف بطولي واعظم ابتكار للحضارة الإنسانية.. الشاعرة ربى وقاف كيف تنظم نعمة الحب لخدمة القصيدة لديها؟

ج _أجمل ما قيل في الشعر كان في الحب. أن قلنا حب الوطن أو الأم أو الطبيعة فنحن لا نصف الا القليل. كيف لا أكتب في الحب وقد قرأت نزار قباني وأنسي الحاج وسمعت أم كلثوم وقرأت ذهب مع الريح وروايات كثيرة كثيرة تحكي عن قصص جسدت الحب في أسمى صوره. كيف لا أكتب عن الحب وانا العاشقة التي لا تمل الغناء له.

س _ الشاعرة ربا وقاف يقولون من يريد أن يصبح كاتبا او شاعرا أو اديبا عليه أن يقرأ الكثير من الكتب حتى يصقل موهبته ويثري قريحته اللغوية. لمن تقرأين؟ واي من هذه الكتب تحظى لديك بمكان عزيز على القلب؟ ومن من الشعراء
الذين كان لهم الأثر الكبير الذي لا يمحى؟

ج _أوافق جدا. بدأت القراءة في سن صغيرة جدا وقرأت الكثير من الكتب المشوقة التي علقتني بالقراءة كهواية واستثمار جيد للوقت. وما زلت أقدر بناء مكتبتي الجميلة الغنية لوالدي الذي أعطاني معظم كتبها موقعة باسمه. بدأت بقراءة الروايات العالمية كروايات ماركيز وهمنغواي وعائلة برونتي واليزابيث اللندي وتولستوي وديستوفسكي والكثيرالكثير من الكتب التي كانت الركيزة الاولى في بناء لغتي منتقلة الى الأدب العربي في روايات محفوظ واحسان عبد القدوس وانتهاءا بالشعر للكثير من الشعراء المعاصرين في الشعر العمودي والنثر.

س _ ربا وقاف سورية تعيش في بريطانية. ماذا فعلت الغربة في وجدانها وإبداعها؟
ج _الغربة أعطتني الوقت لأعرف من أنا, لأبحث في ذاتي عما كنته وأريد أن أكونه. الغربة هذبت الكثير من آلامنا وخلقت آلام غيرها لا تلتئم.

س _ هل المرأة في المغترب مطالبة بتغيير معادلة الزمن
لإثبات ذاتها وحضورها؟

ج _ هي مطالبة بالتغيير أينما وجدت. نحن في سباق مع الزمن ولا خيار لدينا فأما أن نتغير معه أو نغيب في عالم النسيان.

س _ يقول الروائي والشاعر الأمريكي.. راسل ادسن.. في احد حواراته. بوسع المرء اي شيء تقريبا قصيدة نثر وهذا هو العظيم فيها. فكل شيء يثبت انه ليس شيئا اخر. هو ربما قصيدة نثر. وذلك ما يجعل قصيدة النثر تمنح طرقا فريدة لصنع الأشياء. مارآيك بهذا القول؟

ج _لقد خذلت قصيدة النثر كل ما لا يعني الشاعر، واستغنت عن المظاهر والانهماكات الثانوية والسطحية والمضيعة لقوة القصيدة، رفضت ما يحول الشاعر عن شعره، لتضع الشاعر أمام تجربته، مسؤولا وحده كل المسؤولية عن عطائه، فلم يبق في وسعه التذرع بقساوة النظم وتحكم القافية واستبدادها، ولا بأي حجة خارجية مفروضة عليه.
س _ دائما يتأثر الكاتب او الشاعر بالأحداث السياسية في الوطن. ما مدى تأثير ذلك على إبداع الشاعرة ربى وقاف
وهل تناولت قضايا الوطن في أعمالها الأدبية؟
هذه قضايا الوجدان والشعر نزف لها. كيف لي وانا السورية الهاربة بكل صورة جميلة لبلدي من ذاك السواد الذي دمرها. أن أكتب عن سوريا فأنا أزرعها في قلب ولدي أولا وأنزف حنيني اليها ثانية. فهي العشق الأول لذي تنحني له باقي المشاعر.

س _ ماهي مقومات الاستمرارية للمرأة المثقفة كي تستمر في أداء رسالتها الإجتماعية وخاصة إذا كانت مبدعة وشاعرة؟

ج _الأستمرارية تأتي من الارتباط بالواقع. فمهمة الشاعر نشر الوعي والجمال وطرح قضايا تهم الانسان بشكل عام وما يدعم هذه الاستمرارية هي القراءة والقراءة والقراءة.

س _ اليوم نحن نعيش في عصر الإنترنت نجول في مواقعه
الأغلبية أصبحوا شعراء. إلى أي مدى تعتقدين ان مواقع التواصل الاجتماعي لها دور في نجاح وانتشار القصيدة؟

ج _وسائل التواصل الأجتماعي عرفت الكثيرين على شعراء يستحقون ان تكون لهم بصمة في عالم الأدب, طبعا ليس بالكم بل بالكيف. فمع تزاحم الكتاب في هكذا عالم لا يعلق في الذاكرة الا الجيد والقريب من القلب والعقل.

س _ بعد هذا المشوار في مجال الشعر هل تعتقدين ك امرأة
ان الإعلام أعطاك حقك؟ وهل استطعت ان تفرضي نفسك في الساحة الأدبية؟

ج _أعتقد أنك يجب ان تخطو الحطوة الأولى دائما وأنا لا أجد الوقت لهكذا خطوة. ما أعرفه أني في بداية طريق اخترته أعرف انه ليس بالسهل ووجودي في بلد أجنبي لا يفهم لغتي بالرغم من بعض الترجمات التي نشرت لنصوصي ولاحقت استحسانا أبعدني عن البيئة الثقافية العربية وعن اثبات وجودي فيها شخصيا ووسائل التواصل الاجتماعي ليست الانتشار الذي أرغب به حقيقة. وكوني أمراة لا يقلل من قيمة ما أكتب أبدا.

س _ الشاعرة ربا وقاف قبل أن انهي معك هذا الحوار وتقولي كلمتك الختامية. حدثيني بقصيدة تصاحبك دائما
ولها مكانة عزيزة على قلبك؟

ج _لكل نص مناسبته وقربه من القارئ يجعله قريبا مني. هذا النص يحمل الكثير من ألمي

في السنةُ الخامسةُ للحرب
يتسكَّع اليأسُ على الطرقات،
يتراكمُ البردُ.

من بعيدٍ
أسمعُ صدى أغنية وطنيةٍ،
أخافُ على أصابعي.
..

لأوّلِ وهلَةٍ،
تختفي الأمكنَةُ،
أتمسَّكُ بما تبقّى منّي،
كي لا أختفي.
..
ولدايَ يكبران ..معي،
أكرهُ مرورَ الوقت، حينما يسألاني عنِ الغد،
فيما وهجُ صوتي
يختفي.
..
أشتاقُ للثرثرة.

أظنّكَ معي الآن،
لو نتبادلُ بعضَ الكلماتِ،
علّنا نَدفَأ.
..
لَطالما اتجهتُ إليك،
كانتِ الطرقُ واضحة..
والأشجارُ تزهر.
..
المسافاتُ لم تعُد ممكنةً،
القلوبُ تضيق،
الريحُ تصفُرْ.
..
يُخيَّلُ إلَي..
أنني أضحكُ ملء القلب،
لرائحةِ زهر الليمون،
ولهذهِ الأرضِ التي أنجبَتني.
ويُخيَّلُ لي ،
أنَّ الصبَّارَ سيُزهِر.
..
لا تقُل لا
ولو كانَ صوتُك
جميلاً.
..
لا تبتعد أكثر،
الأرضُ زَلِقَة.

أيُّها
الليل
إرحل.

كلمتي أن الجمال يفرض نفسه أينما كنّا لننتهزه ولنعشه شعراً كان أم رحلة فنحن لا نعرف متى يداهمنا الألم.