مدى عقود مضت والكرد متهمون بالانفصال واضعاف الأمة العربية وتقسيم الوطن العربي والعمل على تشتيت الفكر العربي وذلك من خلال مطالبتهم بحقوقهم الأقل من عادية بالنسبة لهم كشعب
أصحاب تاريخ وثقافة وجغرافيا. التهمة كانت جاهزة دائماً من قبل الذين الكثير من العرب الذين ادَّعوا العروبية كطريق نحو توحدهم ووحدتهم والاسلاموية كدين كسبيل لتحرير أراضيهم المحتلة إن كانت
حساب الشعب. تهم كانت جاهزة في أي وقت يفكر أو يعمل فيها الكرد من أجل نيل حقوقهم السياسية والثقافية ودائماً كان على الكرد إثبات براءتهم منها، لكن من غير جدوى. لأن الآخر لا يريد أن
{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ}. [القلم]. وبكل تأكيد أنه أشنع تهمة اتهم بها الكرد من قِبل العرب هي أنَّ “كردستان إسرائيل الثانية” إن هم فكروا بتحرير وطنهم، وكأن قمة وعد بلفور آخر سيتم اعطاءه للكرد
أن يتم استعراب المنطقة مع انتشار الدين الإسلامي. فالكرد عاشوا التطور التاريخي والطبقي والثقافي كما العرب وباقي شعوب المنطقة. فكانوا حوريين وجوتيين وميديين وكرد، وأسسوا
شطر أولى القبلتين وثاني الحرمين ويوقعون معاهدات السلام مع إسرائيل. خمسة عقود مضت وكانت إسرائيل هي العدو الأول للأمة العربية والإسلامية. وكانت ايران صديقة لبعض الدول وعدوة
لبعضها الآخر وكذلك كانت تركيا صديقة كل العرب والمسلمين وهي الانموذج الإسلامي والعلماني في المنطقة، وكان الزعماء يعِدّون العدة لرمي اليهود في البحر وتحرير الأرض. لكن العدو بات الآن
صديقاً في فترة العقلانية التي نعيشها وتحولت إيران وتركيا للعدو رقم واحد في المنطقة. عقد من الزمن والكرد يقاتلون ويقاومون ضد الاحتلال التركي إن كان في شمالي سوريا أو شمالي العراق في
وقت لا حول ولا قوة لحكومة بغداد ولا دمشق في أن تفعل شيئاً أمام مساعي تركيا لاحتلال الشمالين. يحارب الكرد لوحدهم في حرب صامتة يقدمون فيها أغلى شبابهم وشاباتهم وذلك
الغيث لتشكل ذاك النهر الجارف من اتحاد العرب والكرد ويقضوا على فاشية أردوغان وعربدته في المنطقة. ولنعلم أن فلسطين لم تكن تلك القضية الكبيرة التي تم تضخيمها والتهويل لها كثيراً نظراً
لما هو موجود على الأرض. فلسطين تبلغ مساحتها 27 ألف كم2 وعدد سكانها في الداخل والخارج 11 مليون حسب احصائيات 2013. ولكن كردستان التي تبلغ مساحتها نصف مليون كم2 وعدد سكانها من
لمرحلة تقرر مصير المنطقة وتوازناتها. وبكل تأكيد أن وعد بلفور كان قاسياً على الفلسطينيين إلا أن وعد لوزان كان مميتاً بالنسبة للكرد. ولنا في النتيجة عبرة يا أولي الألباب.