نوسوسيال

بقلم:عبدالكريم ساروخان/ القوى السياسية وتوحيد الموقف الكردي

567

 

مسألة وحدة القوى السياسية الكردية وتوحيد الموقف الكردي في هذه الظروف هي المسألة التي تشغل بال الشارع الكردي أكثر من أي مسألة أخرى، لما لها من أهمية في مواجهة التحديات المصيرية الحالية، وتوحيد الموقف السياسي، و تأسيس الوحدة تعني الابتعاد عن العداء والصراعات الجانبية وتقريب المسافات البعيدة بين التوجهات الموجودة والاتفاق على المصلحة العامة ، ولا تعني الاندماج بين الأحزاب والتيارات الكردية، وخاصة في هذه المرحلة التي من الصعب التوصل إلى الاندماج، لتباينات والخلافات العديدة، ولكن إمكانية التقارب وتوحيد الموقف السياسي وتوصل إلى القواسم المشتركة لتحقيق المصلحة العامة موجودة في حال وجدت الإرادة السياسية الحقيقية لدى مختلف الأطراف السياسية الكردية.
المرحلة التي نمر بها والظروف هي مؤاتية جداً لبناء الثقة ومشاركة الجميع في القرار والعودة إلى الصف الوطني وخاصة في ظل التطورات الإستراتيجية والسياسية العامة وبشكل خاص بعد أن تم دحر تنظيم داعش الإرهابي، والصدى والسمعة العالمية التي نالتها القوات العسكرية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية وكافة التشكيلات والمؤسسات من الأمن الداخلي إلى قوات الحماية الذاتية وقوات مكافحة الإرهاب والتي لا تحمل أية صبغة طائفية أو مذهبية أو قوموية، بل اعتمدت مبدأ الحماية الذاتية وحماية الشعوب و المكونات في شمال وشرق سوريا، ومن أجل خلق إدارة تمثل الجميع دون إقصاء أي فئة أو أي مكون، والتي أثبتت جدارتها في كافة المراحل التي مر بها شعبنا سواء في مرحلة تشكيلها وتأسيسها وتنظيم صفوفها أو في مرحلة تبني منهج ومفهوم الحماية الذاتية أو في مسألة محاربة الإرهاب وعلاقة الشراكة مع التحالف الدولي، باختصار دور القوات العسكرية مهم جدا في حماية هذه التجربة وحماية المكونات وكذلك هو عامل مساعد من أجل التوصل إلى تحقيق التقارب الكردي وتوحيد الخطاب والموقف والتوصل إلى حلول تخدم القضية الكردية عامة وفي روجافا خاصة.

وبصدد المبادرة التي أطلقتها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، على القوى السياسية الكردية التقرب بروح المسؤولية من تلك المبادرة، فبنظر إلى الكم الهائل من الأعمال والبرامج والخطط العسكرية التي تنفذها قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة الإرهاب، وكذلك التنسيق مع التحالف الدولي لحماية مناطق روجافا وشمال وشرق سوريا، والعمل على إيجاد الحلول بالتنسيق مع الجانب الروسي للضغط على النظام السوري في سبيل تحقيق حل سلمي وإنهاء الأزمة السورية، إلى جانب كل هذا تعمل قيادة قسد لإزالة الخلافات بين الأحزاب الكردية وتقريب وجهات نظرها، ومن أجل التوصل إلى آلية تسمح للجميع المشاركة والحفاظ على كل المنجزات وتطوير ما تم انجازه بما يخدم مستقبل شعبنا، فهذه المبادرة هي فرصة ذهبية لجميع دون استثناء في ظل معمعة الصراعات والخلافات والتي تعمل لتأجيجها حكومة العدالة والتنمية التركية في الخفاء والعلن، تارةً في روج افا وتارةً في باشور كردستان وفي شمال كردستان.
في التاريخ القريب عانى شعبنا من الصراعات سواء التي كانت بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب الديمقراطي الكردستاني او بين الجبهات الموجودة في ذاك الوقت جبهة جود وجبهة جوقد والتي راحت ضحيتها الآلاف من أبناء شعبنا دون أن يكون هناك مبرر لذلك، وكذلك ماشهدته أعوام التسعينات بين الديمقراطي الكردستاني وبين حزب العمال الكردستاني، واليوم زج بالآلاف من البشمركة في منطقة زينة اورتي بحجة الصراع على تلك المنطقة بين الاتحاد الوطني وبين الديمقراطي الكردستاني، والتي تبدوا أنها مؤامرة تحاك ضد القوى الكردية بما فيها حزب العمال الكردستاني سيما أن هذا الزج من القوات يتزامن مع قصف من الطيران التركي ومشاركة جيشه في الهجوم على مناطق قنديل، وتزامن كذلك بالقصف على مخيم أللاجئين الكرد في مخمور، كل هذه توحي بأن مخططات الدولة التركية لم تتوقف وتحاول جاهدة إشراك روج افا بهذه المخططات عبر زج بعض مايسمون ببشمركة روج افا في منطقة زينة اورتي والعمل على تأجيج الصراع الداخلي في روج افا سواء بين الكردي والعربي أو بين الكردي والكردي، فحكومة العدالة والتنمية تحاول القضاء على أي منجز كردي، ولذلك فهذا تستخدم كل الوسائل من أجل تحقيق مخططاتها وعلى القوى الكردية عدم الانجرار إلى تلك المخططات التي تهدف إلى القضاء علينا جميعا وليس القضاء على قوة كردية واحدة كما تدعي.
المبادرة التي يعمل عليها جاهداً قائد قوات سوريا الديمقراطية هي محل تقدير ويكن له ولقواته كل الاحترام في ظل هكذا ظروف ومع الوضع المتأزم سياسياً على مستوى الدولي والإقليمي وعلى المستوى المحلي أيضا، وأن دل على شيء إنما يدل على الحس العالي بالمسؤولية التاريخية أمام شعب روج افا والذي قدم الآلاف من الشهداء وحمل راية الحرية وأنجز الكثير في مرحلة قياسية قصيرة، وهو الآن أمام فرصة النجاح والانتصار قاب قوسين أو أدنى ويحاول بكل جهده مشاركة الجميع بهذا الانتصار التاريخي، وعلى القوى الكردية تقديم الدعم لهذه المبادرة والاستعداد لتقديم كافة التسهيلات لإنجاح هذه المبادرة، ووضع الخلافات جانباً والالتفاف إلى المصلحة العامة فقد ولى زمن المصالح الحزبية الضيقة، وعلى الجميع العمل من أجل مصالح الشعب بما فيها العمل لتحرير كافة الأراضي المحتلة من عفرين إلى سري كانيه والوصول إلى تأسيس مرجعية سياسية تمثل الكرد في كافة المحافل الدولية والإقليمية وحتى مع القوى المعارضة السورية وخاصة مع القوى الديمقراطية التي تسعى هي الأخرى من أجل التغير وتأسيس سوريا ديمقراطية لامركزية.