نوسوسيال

دراسة شعرية حول قصائد الشاعرة ميديا شيخة

506

بقلم عبد الوهاب بيرو بيراني
الكلمات و المعاني و الصور و الفكرة و كل نفس تسعى للغة تعبر بها عن ما يجول في فكرها عبر صياغات متراصة جميلة مغايرة للكلام العادي اليومي، لغة تقترب الي النص المقدس إلى لغة مغايرة قادرة على  ممارسة و صنع فعل الدهشة..
الشاعرة ميديا شيخة، ككل فكر او ثقافة تسعى لبناء قصيدة تشبهها، تصهر فكرها بلهيب التعبير  و المفردات لتضيء صور حالمة و تصنع أجنحة قادرة على التحليق في فضاءات الشعر..
الحرية، و الثورة، و التمرد و اناها الذاتية الغارقة في بحور مجتمهعا او التي تزهر كزهرة فوق سطح البحيرة العذبة او ربما في حنين نهر ماءه عذب و حشائش ضفافه خضراء كالتجدد، تغتسل به و تمشط شعر ارجوحتها و ضفائرها و تجدل جديلة تسير مع النهر فتنشد “الاغنيات الناصعة” و يستمر صباغ الحناء جاريا مع تيارات النهر دافقة ترسم فجرا احمرا قانيا مشرقا و يسدل تمثالها الحجري ظلاله ببرود كالانتظار و الشفق الأحمر يطوي الأرض، و لكن متى يحل في ارضنا السلام؟ هكذا تتساءل الشاعرة في نصها “همسات” حيث بدأت النص بضجيج من الأفكار و أرادت ان ترتب الضجيج في هدوء  و في” أوانه الجميل “و تنتقل بنا إلى مستوى هاديء حيث لا سكن الجرح و تصاعدت “شجونها الخرساء” بلا أصداء و تركت اغانيها على البيادر.. اغنياتها المشتعلة فتحاول ان تنقل نيران الارادة او ربما نار التمرد لجسد الصقيع في مهب مجتمع له جهات ستة و تراتيل تشبه “ادعية العشق” حيث يتوظأ بها الحالمون او ربما “الهائمون” في إشارة او رغبة دفينة لإعلان انبلاج فجرها و شمس مجتمع جديد على أرضها التي أنهكها الانتظار.. فلا ترغب ان تقف حائرة كحجر بارد، بل تفصح عن رؤيتها و عن عينيها التي تقدح الشرر  و تهيئ لجنون قادر ان يعلن القيامة، في طقس شديد الارتباك و التداخل حيث العصافير” تنسج طرقات المنافي” البعيدة و التي تصر ان تخفق باجنحتها القوية و ان كانت ربما من شمع(التمرد) لا تقوى على مقاومة الشمس (الحرية) فنيران الحرية و ان اذابت أجنحة عصافيرها التي تتوق للطيران راسمة دروب العودة للنازحين من المنافي البعيدة إلى أرض الزيتون و حقول القمح، و سحب الغيم تعاود الهطول مطرا يخرج العشب من مدارات الضياع و يرسم حقيقة الشرق “الموبوء بالعويل” و لكن الشاعرة تأخذ منحى دروب النور البهية لتأخذنا حيث أحلامها الصغيرة و التي تشاركنا بها، تتأمل ان ينجلي الليل عن حقل من الجنون و من الحلم..
الشاعرة ميديا شيخي تحاول أن تكمل القصيدة و تطرح أسئلة، فلا كلماتها تنطفيء و لا يتوقف المطر عن الهطول  و لا العشق عن النهايات فمنذ زمن العشق من زمن العاشق “مم” و حبيته “زين” حيث زمن العذراوات و انين صوتهم الذي يفترس العشب و الريح تاركة لنا موائد متجددة ببهاء و أضواء الشموع.. و المدى يعانق هزائمنا من اول التاريخ.. و من رؤوسنا الي اخمصها و نحن بلا هوية ندخل المكان و التاريخ مبهم و الليل مازال يمارس مهنة تلطيخ حجارة ارضنا بالدماء في التيه و تاريخ من ضياع ترتكب شهوات الغرور في سباق الأزمان مفارس شرقي يمضي..
همسات رقيقة ناعمة تبدأ بضجيج الأسئلة و تمضي الهمسات الي حيرة الأسئلة في خلسة..
نص حاول أن يربك المخيلة و يمارس سطوة الضياع ضمن مكان و زمان لسنا بعيدين عنه و ربما مازالت الجغرافية ترمي بخيوطها لتاريخ لا زالت حرائقه تشعل الكلمات و الاغنيات في بيادر القمح و بيارات الزيتون و مازالت المسافات و دروب المنافي تهمس همساتها لانتشال الضائعين من طرق العودة و الضياع..

عبدالوهاب بيرو بيراني