نوسوسيال

بقلم المحامي: حسن عبد الله/ عندما تكون العدالة أسيرة المصالح!!!

539

 

أثارت محاكمة المقاتلة الكردية (جيجك) مؤخراً أمام إحدى محاكم الفاشية التركية ردود أفعال متباينة أكثرها كانت ممتعضة لما آلت إليها العدالة الوضعية والتي أصبحت أسيرة لمصالح قذرة ولقوة الحداثة المتوحشة حتى غدت الكينونة البشرية بأكملها خادمة لتحقيق مصالح تلك القوة والتي بدأت تفتك الأخضر واليابس .
لتصبح هذه الكينونة كغابة تحكمها قوة المصلحة.وتضع قوانين تحقيق العدالة الإنسانية في مهب الريح .
فما صدرت بحق المقاتلة الكردية السجن المؤبد كشفت زيف المحاكم الدولية التي أصبحت الغطاء القانوني لستر عورة القوى العالمية المتوحشة وتحكمها وتفصيلها للقوانين التي تحافظ على ديمومة تلك الحداثة المتوحشة.
فالمحكمة الجنائية الدولية هي إحدى تلك المنظمات التي أصبحت تعادي وتخالف ما قامت عليه بالأساس من أسس قانونية مأمولة لتحقيق العدالة الإنسانية بحدها الأدنى.
فما قامت عليه تلك المحكمة من مقومات قانونية بعام ٢٠٠٢ لوضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقاب وكونها أول هيئة دولية تحظى بالولاية العالمية لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع الإنسانية بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري .
فعدد الدول الموقعة على قانون تلك المحكمة ١٢١ دولة حتى عام ٢٠١٢ .
وأكثرية الدول التي تنتهك الحرمة الإنسانية أحجمت بالتوقيع على ميثاق تلك المحكمة والإنضمام إليها كتركيا وإسرائيل وأمريكا وغالبية الأنظمة الشرق أوسطية .
وتختص تلك المحكمة بالجرائم التالية:
1- الإبادة الجماعية .

2- الجرائم ضد الإنسانية .

3- جرائم الحرب والعدوان.
وبإسقاط تلك الإختصاصات على الحالة المأساوية السورية بشكل عام وروج آفا وشنكال بشكل خاص يكاد يكون كامل ما حصل ويحصل حتى هذه اللحظة في صلب إختصاصاتها قانوناُ .
فما حصل في شنكال من حملة ممنهجة لإبادة الكرد الإيزيديين بعام ٢٠١٤ هي صلب إختصاص المحكمة الجنائية الدولية ولكن لا حياة لمن تنادي …!!!!!!!
وما يحصل في عفرين السورية من جرائم وإنتهاكات تندى بها جبين الإنسانية من قتل وإغتصاب وتهجير وتغيير ديمغرافي على يد قوة الإحتلال التركية وقطعانها من المرتزقة هي أيضا من صلب إختصاص المحمة الجنائية الدولية ولكن لا حياة لمن تنادي!!!!!!
وآخر تلك الإنتهاكات الجسيمة هي الحكم المؤبد على المقاتلة الكردية جيجك أمام إحدى المحاكم الفاشية التركية .لتشكل تلك المحاكمة إنتهاك صارخ حتى للقوانين التركية .ناهيك إنتهاك للقوانين السورية والدولية وقبل ذلك إنتهاك للضمير الدولي الإنساني والتي تحكمه المصالح مع تركيا.
بإعتبار المقاتلة جيجك كردية سورية وأسرت أثناء تصديها لجحافل المرتزقة والجيش الفاشي التركي على عفرين السورية بعام ٢٠١٨ والإختصاص الأقليمي للقوانين التركية لا تعطيها أية حجة لمحاكمة الجنسية السورية أمام محاكمها وخصوصا أنها أسرت على أرضٍ سورية اثناء إحتلالها لتلك الأرض .
مما يجعل في مسرحية محاكمة جيجك كوباني محاكمة للضمير الإنساني ومحاكمهم وقوانينهم القراقوشية .
فجيجك كوباني مقاتلة قاتلت في صفوف وحدات هي أساس قوات سورية الديمقراطية التي دحرت داعش وتوابعها والتي تحظى بدعم دولي .لتكشف تلك المحاكمة المسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتق تلك القوى الدولية .
فهي تجريم بحقها قبل أن تكون بحق جيجك كوباني.
ليتبين أن العدالة الوضعية هي أسيرة المصالح قبل الضمير…ولا يسعنا إلا أن نذكرهم بأن لعنة قتل المقاتلات الثلاثة ساكينة جانسيز وفيدان وليلى في عقر دارهم تلاحقهم حتى هذه اللحظة…
ويكاد صوت أوجلان القائد في غياهب سجن إيمرالي يشق طبول آذانهم منذ أكثر من عقدين .
………
….فلا حياة لمن تنادي …لتصبح العدالة والضمير كأية سلعة تعرض في كبريات البورصات العالمية….
…..المحامي حسن عبدالله – شام 31|3|2021