نوسوسيال

بقلم حمزة حسين حمي: بين الأدب والسياسة

1٬091

في إحدى القرى الصغيرة مرض أحدهم وكان في الحقيقة رجل له اعتبار اجتماعي يمتاز بالطيب وسرعة البداهة…طال به المرض أشهر وشهور ويزداد الوجع والألم يوما بعد يوم وتصبح معاناة الأهل والأقرباء أكبر وتمر الأيام ويزداد المرض  شدة وفي صباح كل يوم جديد يبدأ أهل القرية جميعا بالسؤال

عن المريض هل ياترى مازال فلان حي…؟! أتذكر جيدا والدة المريض وقد أكل الدهر عليها وشرب فلقد عبرت محيط القرن الواحد و بدأ شت تسير في بداية القرن الثاني تسكن في غرفة قريبة من ابنها تمشي بمرافقة عكازتها الرمادية بخطوات ثقيلة متجهة الى غرفة المريض وقد احدودب ظهرها على شكل قوس  بيدها مسبحة خضراء ذات المية والواحدة مرددة كلمات بالكاد نسمع البعض منها

لكنني سمعت بان اسم كريم من بين الكلمات التي تنطقها لم اكن أدري هل تقصد بذلك ابنها المسمى ب عبد الكريم أم تقصد بدعائها الخالق الكريم وفي آخر زيارة لهاتكلمت مع ابنها قائلة :
يا بني عبد الكريم لقد طال معك المرض( كل الناس تمرض بس مو متل مرضك… ياابني كل الناس بعيد عنك تموت بس مو   بهالشكل..أرجوك يا ابني اهل القرية مساكين و انت تعرف شو وضعهم ..كل يوم يزورونك والله ملينا  بقى إذا تموت مو مشكلة.. موت وإذا ما بدك تموت قوم على حيلك والله ما عاد نتحمل.)مرت أيام معدودة وإذا بأهل القرية يتفاجؤونبالمريض يمشي في البيادر ليما”معافى….
هنا لا بد لي من الإشارة إلى المرض الذي أصابنا أيضا أفرادا “وشعوبا” في وقتنا الراهن خصوصا

 

للطبقة المثقفة وحتى الفئة السياسية نفسها فلقد دونت في الكتب والمجلات وغيرها الكثير من المصطلحات كالنظام العالمي الجديد ومشروع الشرق الأوسط الكبير والقطب الواحد والعولمة وغيرها  حينها استبشرنا خيرا وباتت الأحلام السرمدية تطوف في مخيلتنا وبين تلابيب وتلافيف عقولنا رسمنا أجمل الصور للقادم من الزمن ومن خلال الواقع أدركنا بان العالم يحكمه القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين وانهيار الانظمة الشيوعية في أوربا الشرقية والتدخل الأمريكي في العراق تحت يافطة الديمقراطية وحقوق الانسان لتبدأ بعدها رحلة الشعوب في الكثير من الدول العربية في البحث عن سبل الخلاص وكان شعاراتها تكمن في الحرية والكرامة  والدعوة

إلى إنهاء الانظمة السابقة  تحت يافطة ربيع الشعوب لكن ما الذي حدث لقد تحول الربيع الى اجواء للقتل والدمار والمجازر وتجذرت الحركات الارهابية هنا وهناك وبات القتل على الهوية من سمات الواقع وأصبحت الفوضى ظاهرة عامة في الواقع الراهن وفي كل جوانب الحياة وهذا ما نراه الآن في واقعنا الملموس في سورياحيث  دمرت البنية التحتيةو ساد الفساد في كل مفاصل الحياة والاسوء من كل هذا وذاك انهيار السلوك و القيم الأخلاقية وبدء التفتت وانفكاك الروابط العائلية  ولم يبق حب

الوطن من الإيمان في الوقت الذي نجد عشرات    الآلاف من ما يسمى بالمعارضة وقد تحولت إلى مرتزقة تحت إمرة الدولة التركية لتقوم باحتلال الاراضي السورية ونهب خيراتها وسرقة آثارها أضف إلى ذلك إرسالهم   الى ليبيا والصومال وأرمينيا حقيقة أصبحت  تركيا محور الارهاب العالمي أمام مرأى كل الجهات التي لها في سوريا شأن وهذا ما رأيناه من الموقف المخجل  لكل من روسيا وامريكا لقد تبنت روسيا سياسة الصفقات  كذلك موقف الرئيس الامريكي السابق ففي كل يوم

تصريح متناقض لليوم الذي سبقه وكان النتيجة احتلال سري كاني (راس العين)  أيضا في يومنا هذا وما نسمعه من هجوم على عين عيسى والقرى المحيطة بها  والتهديدات المستمرة لأردوغان تدفعنا إلى القول لأمريكا لماذا هذه الاستراتجية الغامضة وهل هذا يدخل ضمن إطار التكتيك الذي مهد لتركيا بقتل مزيد من السوريين ألا يكفي كل هذه المراوغات المخجلة واذا كان للقطب الواحد

مشروع وهو النظام العالمي الجديد والمبني على الفوضى الخلاقة ودعم الدولة التركية في محاربة الشعوب السورية حينها سيكون لنا جواب كإجابةالعجوز لابنها المريض حيث الألم والمعاناة واتساع رقعة الحروب في كل أنحاء العالم ممايمهد لظروف موضوعية لحرب عالمية ثالثة ونتائجها الكارثية

من كل الجوانب  في الختام  ونحن في مطلع  العام الدديد  كل مانتمناه أن يكون للعالم اجمع نظام جديد مبني على العدل والمساواة  وأن يكون المنطق سيد العالم بعيد عن الاستغلال والحروب حينها فقط نستطيع أن نقول إنني سعيد لأنني إنسان…نعم ستكون السعادة من حصة الجميع وتنطلق الزغاريد من حناجر هذا العام  ان يعم السلام والإخاء والمحبة بين كل الشعوب